صبري: العرض الملكي للجزائر لتطبيع العلاقات يعتبر فهما مبكرا لارادة المجتمع الدولي والأممي

عرض جلالة الملك على الجزائر في خطاب المسيرة الأخير مبادرة لفتح حوار مباشر وبدون شروط، عبر لجنة سياسية مشتركة، تنكب على جميع القضايا دون

استثناء من اجل هدف تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية، وتجاوز حالة الجمود غير الطبيعية التي تطبع واقع هذه العلاقات.

 

وبعد أن التزمت الجزائر صمتا مطبقا ومريبا صرح مصدر مأذون له لموقع TSA الجزائري ،أن المبادرة المغربية "ليست حدثا، فهي مشكوك في شكلها (لاطلاقها في عيد المسيرة)، وفي محتواها (للارادة المغربية لتثنية قضية الصحراء بين المغرب والجزائر)، وهي بذلك حسب هذا المصدر لا تستحق الرد والحواب.

 

ويلاحظ على هذا الرد الجزائري، أن الجزائر منحت لنفسها متسعا من الوقت لدراسة المبادرة قبل الجواب عليها، كما أن الجواب الجزائري جاء عبر وسيلة اعلامية موقع تسا "كل شي عن الجزائر وليس عبر مصدر موازي رسمي ، ومن مصدر مجهول، لم تفصح الجهة الناشرة عن هويته، وبقي معرف بصفة واحدة أنه مأذون له، ودون الافصاح عن الجهة صاحبة الإذن، أهو من الرئاسة او الحكومة، أو البرلمان.

 

وهذه الملاحظات تعطي اشارات مفادها، أن المبادرة كشفت على غياب او تهرب المخاطب الرسمي في الرئاسة كما في الحكومة، كما أن العرض الملكي بفتح الحدود وتطبيع العلاقات أوقع المؤسسات الجزائرية المذكورة في ارتباك كبير أدى الى ترك مهمة التعقيب على المبادرة القرار في وقت معقول ومناسب، أو انهم اتجهوا عن قصد الى اذلال وتبخيس العرض والتقليل من قدره وقيمته، وهو ما يؤكده الجواب بأن المبادرة "ليس بحدث ".

 

أما النتيجة الثانية، وهي المرتطة بآثار العرض الملكي، فهو في تفكيكه من حيث البناء؛ تناول التشخيص الدقيق لواقع العلاقات، ووصفها بأنه غير طبيعي، وتقديم الحلول بالدعوة الى انشاء آلية ذات اختصاصات شاملة وموسعة، وتحديد هدفه العام في بلوغ نتيجة في تطبيع العلاقات،وتعبير المبادرة عن الانفتاح على كل المبادرات الجزائرية دون شروط وبدون استثناء، الشيء الذي تجعل المبادرة جدية وتحمل بصمات وعلامات الصدق والمصداقية.

 

ويكيف العرض الملكي بالسياسي والحقيقي، لأنه صادر من المؤسسة الملكية في اطار اختصاصاتها السياسية، وهو مظهر من مظاهر ممارسة الملك للسياسة،بالنظر الى انعقاد الولاية له دستوريا واضطلاعه بمهمة صنع السياسة الخارجية في للمغرب، كما أن الخطاب الذي وردت فيه المبادرة تمحور بشكل حصري حول محددات وأركان السياسة الخارجية للمغرب، واحتلال ملف الوحدة الترابية صلب هذه السياسة، واعطاء أمثله ببعض تدخلاته القارية وتعاونه الأممي، وحرصه على شراكات لا تضر مصالحه ووحدته الترابية.

 

أضف الى ذلك، فان مضمون المبادرة التي تضمنها الخطاب تعتبر فهما مبكرا لمآلات السياسة القارية الأفريقية والمجموعة الدولية والأممية، الذي بدؤوا يشتكون من حالة الانحصار في العلاقات المغربية الجزائرية، وجعله سببا رئيسيا يعيق اندماج وتكامل الدول المغاربية في اطار تكتل الاتحاد المغاربي.

 

وهو ما يفوت فرص التنمية على المنطقة، ويشجع على الهجرة الذي تشتكي وتتضر منه اوروبا، بعد وقوق كل التقارير الأوروبية على وجود ترابط آلي بين التنمية الاقتصادية وارادات ودوافع الهجرة، كما أن هذا الجمود في العلاقات ينعكس سلبيا مثلما يعيق عمليات التعاون الموسع كحل أساسي وناجع لمحاربة الارهاب والجريمة المنظمة، الذي يهدد في نهاية المطاف أمن واستقرار المنطقة بشكل عام.

 

ولا يقف الخطر على المنطقة عندما ما تشكله الجماعات الارهابية من تهديد لأمنها واستقرارها، بل إن الجمود والقطيعة والتي يرافقها تسابق الطرفين نحوالتسلح وعلى ريادة وقيادة المنطقة، وكذا وعدم الوصول والتوافق على حل سياسي لنزاع الصحراء، ومسؤولية الجزائر في عرقلة هذا الحل (التقرير 249/2006للأمين العام للأمم المتحدة، وهو ما قد ينتهي بحرب شاملة في المنطقة، الذي حذرت منه تقارير الأمين العام للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.

 

 

واعتبارا لكون المبادرة الملكية توصف من الناحية السياسية وحتى القانونية بأنه عرض حقيقي، فان عدم تجاوب الجزائر ايجابا معها و رفضها وتكييفها "ليست بحدث ويكتنفها الشك والمراء في الشكل كما في المضمون"، فانها ومع ذلك ترتب أثرا سياسيا مباشرا، إذ تنزع مسؤولية المغرب عن استمرار الوضع الراهن المتأزم للعلاقات البينية بينه وبين الجزائر وعن ما قد ينجم عنه من مخاطر، وتجعل هذه المسؤولية كما تبقيها على عاتق الجزائر وحيدة. وقد يكون ذلك من احدى خلفيات المبادرة من أساسها، وهو ما يحرج الجزائر قاريا واقليميا ودوليا وامميا.

 

وللاشارة فان المقال الذي تضمن خبر الرفض الجزائري، قد عرج على اعادة التذكير بسابق الشروط الجزائرية لاعادة فتح الحدودالبرية وتطبيع العلاقات مع المغرب، من خلال وقوفه عند تصريحات المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية عمار بلاني في يونيه 2013، "إعادة فتح الحدود هو شأن سيادي ضمن الاختصاصات الحصرية للحكومة الجزاىرية والشروط الرئيسية معروفة عند جيراننا ".

 

وتتمحور هذه الشروط حسب الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة الجزائرية في "توقيف حملة التشويه ضد الجزائر"و "التعاون الصادق، والفعال والمثمر في مواجهة العدوان الذي نعاني منه يوميا من خلال تهريب المخدرات"و "احترام موقف الحكومة الجزائرية فيما يتعلق بمسألة الصحراء الغربية التي نعتبرها انهاء الاستعمار التي يجب أن تتم تسويتها وفقا للقانون الدولي في اطار الأمم المتحدة".

 

ولا شك أن الشروط الجزائرية السابقة يكتنفها التناقض بين أجزائها وتعجيزية في الأخيرة منها، فهي تحمل اتهاما وتجريما صريح ورسمي وبدون دليل للمغرب باطلاق حملة تشويه ضدها، وممارسة لعدوان تهريب وتصدير المخدرات اليها، ومطالبته بوقفه. وبمقابل فان الجزائر تطلب احترام موقفها المعادي والمستفز صراحة للمغرب، لأنه يمس بوحدته الترابية، و هذا الشرط الأخير يجعل الجزائر من

حيث لا تدري وتتهرب منه طرف أساسي في نزاع الصحراء وفقا لما يؤكده المغرب.