بعد عقد من الزمن.. في ذكرى خطاب 9 مارس هذه أهم التغييرات التي مست واقع الدستور المغربي

11سنة، مضت على أحدث وثيقة دستورية عرفها المغرب، والتي أتت في سياق ما يسمى “الربيع العربي”، حيث رفع المغاربة شعارات كثيرة إبان اندلاع احتجاجات حركة 20 فبراير،  وكان على رأسها ” الشعب يريد إسقاط الدستور”.

 

فبعد مرور عقد من الزمان، على تنزيل وثيقة دستورية جديدة، وفي ذكرى الخطاب الملكي لتاسع من مارس، والذي يعد أهم وقع في المشهد السياسي المغربي له دلالات كثيرة، استجابت فيه المؤسسة الملكية لمطالب شعبها،  والتي كان شعارها الإصلاح عكس ما أنتهجته قادة بلدان مجاورة صاروا في خبر كان.

 

وفي ظل سيرورة التغيير التي تبناها المغرب على مدى عقود، يتساءل الجميع في هذه الذكرى عن الواقع الدستوري  في البلاد وعن أهم التغيرات التي شهدها المغرب منذ التاسع مارس2011 إلى تاسع مارس 2022.

 

يرى أحمد البوز أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري، في هذا السياق، أن مرور هذه المدة الزمنية على دستور 2011 يسمح لنا بتسجيل أبرز الاستنتاجات، والتي من خلالها يتضح أن السياق السياسي الضاغط الذي ضع فيه الدستور لم يسمح بتحقيق العديد من خياراته ومقتضياته، لذلك سرعان ما اصطدمت بعض تلك المقتضيات مع واقع الممارسة، و لنا أن نستحضر مثلا “البلوكاج” السياسي وكيف لم يسعف الدستور في إيجاد مخرج للمأزق السياسي الذي خلقه عدم تمكن رئيس الحكومة المعين من جمع الاغلبية حوله.

 

وتابع لبوز قائلا: ” أن الممارسة السياسية في ظل دستور 2011، وخاصة بعد تحول سياق التغيير الذي وضع فيه الدستور الى سياق الردة في عدد من البلدان العربية، جعلنا أمام ممارسات إن لم تعد إنتاج مرحلة ما قبل 2011 فعلى الأقل أظهرت نوعا من الحنين إليها، وكأنه أصبح هناك وعي وإدراك بأن الدولة قدمت في 2011 تنازلات دستورية لم يكن لها لتقدمها لأنها بالغت في تقدير حجم مخاطر الربيع العربي وتداعياته مغربيا”.

 

وأضاف الخبير الدستوري، وفقا للاستنتاجات على أن الابتعاد عن سياق الدستور، ثم تداعيات الظروف الاستثنائية وما طرحته من تحديات اجتماعية واقتصادية أصبحت تبرر تناسل وليس تناسب الدعوات حول إعادة ترتيب الأولويات، وأن السياسي والدستوري لم يعد يهم أو على الأقل ليس أولوية إنما المهم اليوم هو الاقتصاد وبحث الحلول للمشاكل الاجتماعية. وقد زاد التيار الذي اتجه فيه التدبير الحكومي خلال العشر سنوات الاخيرة نحو تغذية هذا الاعتقاد. وكان هذا الخيار واضحا في نتائج الانتخابات الأخيرة، التي عاد فيها خيار الأعيان والتقنوقراط  لكي يعبر عن نفسه بقوة.

 

وأوضح البوز في معرض حديثه لـ”بلبريس”، أن أهمية الدستور وأهمية المداخل السياسية للإصلاح والتغيير ترتبط أساسا بوجود قوى سياسية واجتماعية حاملة لهذا الإصلاح، ويظن أن غياب أو على الأقل ضعف مثل هذه القوى لم يسمح بإعطاء مضمون ديمقراطي للتفعيل التشريعي للدستور ولتطبيقه في واقع الممارسة، التي تبدو مدخلا مهما للحكم على اي وثيقة دستورية مهما كان مضمونها.

 

ويقول عبد العالي بنلياس أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن بعد خطاب 9 مارس الذي حدد توجهات الكبرى التي يجب أن تتخذ على دستور 1996، جاء دستور 2011 وفقا لهذه التوجهات وبناءا على اقتراحات ومذكرات الأحزاب السياسية ومنظمات نقابية وفعاليات المجتمع المدني، كان لهذه الوثيقة الدستورية توجها أخر كرست فيه مجموعة من الأحكام والحقوق والحريات والمؤسسات الجديدة .

 

ورأى بنلياس، أن انتخاب برلمان جديد في ظل دستور2011 ، عقبه وضع الحكومات المتعاقبة سواء الأولى والثانية للمجموعة من القوانين التنظيمية وإخراجها إلى الوجود تفعيلا للمقتضيات دستور2011، كما تم أيضا تشكيل مجموعة من المؤسسات الدستورية التي تم التنصيص عليها لأول مرة، وكذلك تكوين هذه المؤسسات حتى تباشر مهامها وظائفها.

 

وأكد أستاذ القانون الدستوري عبد العالي بلياس في تصريح لـ”بلبريس”، على أن الواقع الفعلي والعملي هو الذي يعطي للنص الدستوري والنص القانوني حياته السياسية ومن هناك مجموعة من المقتضيات التي تم وضعها موضع التنفيذ، كما أن هناك مجموعة من المقتضيات الأخرى لازالت تراوح مكانها على مستوى البرلمان أو على مستوى الحكومة، ويتعلق الأمر بحق في الإضراب أو القانون التنظيمي للممارسة الحق في الإضراب، والذي يحتاج طبعا إلى توافق بين مختلف الشركاء المؤسساتيين والاجتماعيين ونتحدث هنا عن الحكومة والنقابات، وحتى عن “الباطرونا”.

 

وأشار بنلياس، إلى أن الدستور أعطى بكل تأكيد نفسا جديدا  للحياة السياسية والدستورية والمؤسساتية، وعلى ضوء هذا الدستور تم انتخاب وتشكيل حكومتين، ونحن اليوم أمام حكومة أخرى ثالثة على أقل ما يمكن أن يؤكد أن هناك نوعا من الاستقرار المؤسساتي و السياسي، ونوع من الانتظامية والتعاون بين مختلف  مختلف المؤسسات الدستورية .

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *