قالت لجنة المهمة الاستطلاعية حول الصفقات التي أبرمتها وزارة الصحة خلال فترة الجائحة، إنها تابعت باستهجان وباستغراب شديد الجدل الذي رافق انتهاء أشغال اللجنة واعتماد تقريرها وإحالته بشكل رسمي وفق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، خاصة وأن بعض مسؤولي وزارة الصحة خرجوا بتصريحات غير مسؤولة وتخالف واجب التحفظ تهم أشغال لجنة برلمانية رسمية، وكذا البلاغ الغريب الذي أصدرته وزارة الصحة بتاريخ 19 يوليوز 2021، والذي يعتبر سابقة خطيرة في مجال التدخل في أشغال لجنة برلمانية ذات استقلالية وسلطة رقابية.
وأضافت اللجنة في بلاغ توصلت “بلبريس” بنظير منه، إنه بالنظر لحجم وأهمية هاته الصفقات التفاوضية، والتي بلغت 333 صفقة باعتمادات مالية إجمالية فاقت 3,4 مليار درهم، فقد اطلعت اللجنة على المعطيات المتعلقة بحوالي 160 صفقة تتعلق بميزانية الاستثمار لوزارة الصحة، بمبلغ اعتمادات إجمالي يصل إلى 1,5 مليار درهم، و 174 صفقة من الاعتمادات المالية الخاصة بالحساب الخصوصي لجائحة كوفيد، بمبلغ اعتمادات مالية إجمالية تفوق مليار درهم.
واكدت اللجنة في هذا الإطار أن التقرير الذي أعدّته قد تم اعتماده رسميا من قبل جميع أعضاء المهمة الاستطلاعية، وتمت المصادقة عليه بالإجماع بعد نقاش عميق وتدقيق لمختلف محاوره وعناصره وفقراته، وتمت إحالته بشكل رسمي وفق أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب.
واعتبرت أن تشكيل لجنة للتدقيق في هاته الصفقات جاءت بعد نقاش عمومي وجدل إعلامي واسع حول اختلالات مفترضة في تدبير هاته الصفقات، وكان لزاما على عليها أن تعمل على استجماع المعطيات والوثائق، لتتمكن من تقديم أجوبة سياسية واضحة وتنوير الرأي العام الوطني بهذا الخصوص، وهو جوهر العمل الرقابي عبر هاته الآلية البرلمانية.
وأشارت اللجنة على أنها حرصت عبر اشتغالها في انسجام وتوافق تام بين أعضائها، والذي تُوّج باعتماد بتقرير موضوعي ومتوازن، يستند على وقائع وبيانات ووثائق رسمية تم الوقوف عليها خلال فحص الوثائق وجلسات الاستماع الرسمية والمسجلة لديها.
وشددت اللجنة على أن تقريرها قد تمت المصادقة عليه بالإجماع، وتمت إحالته بشكل رسمي وفق أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، معبرة عن رفضها القاطع للتشكيك في عمل اللجنة ومصداقية تقريرها من قبل وزارة الصحة، والذي يتناقض مع المبادئ الدستورية المتعلقة بفصل السلط وتوازنها وتعاونها، وبربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأعلنت ذات اللجنة البرلمانية، عن استغرابها من محاولات تهريب النقاش العمومي من الفضاء الطبيعي داخل البرلمان، والذي يسمح بالمحاسبة السياسية داخل المؤسسات، مسجلة استياءها الشديد من تهرب وامتناع وزير الصحة عن الاستجابة لبرمجة مناقشة التقرير داخل لجنة القطاعات الاجتماعية، وهي المناسبة الدستورية لتقديم ملاحظاته وتبريراته لما تضمنه هذا التقرير.
وعبرت الجهة ذاتها عن استغرابها من خروج بعض مسؤولي وزارة الصحة عن واجب التحفظ المفترض فيهم بموجب النصوص التشريعية جاري بها العمل، خاصة وأن الأمر يتعلق بلجنة برلمانية رسمية تشتغل وفق أحكام الدستور، بالمقابل تسجل باعتزاز تثمينها للمجهودات الجبارة للأطر الطبية العاملة في مواجهة آثار جائحة كوفيد، والتي تستحق من المؤسسة البرلمانية كامل التقدير والامتنان، كما تستحق عناية خاصة لدعمها وتشجيعها على كفاءتها وتفانيها في حفظ صحة المواطنين؛
وأدانت اللجنة لمحاولات تحريف النقاش العمومي ومحاولة صرف الانتباه عن مضامين تقرير المهمة الاستطلاعية عبر ادعاء مزعوم للإساءة للأطر الطبية العاملة في مواجهة كوفيد، مؤكدة على أن جميع الملاحظات المثارة بخصوص الصفقات التفاوضية التي أبرمتها وزارة الصحة مبنية على معطيات وبيانات ووثائق رسمية مثبتة، وكان على وزير الصحة الحرص على القدوم للبرلمان لمناقشتها وتقديم أجوبته بشأنها؛
وشددت اللجنة على أن المهمة الاستطلاعية إذ تحرص على تنوير الرأي العام الوطني بشكل واضح، فإنها تعتبر أن ما وقفت عليه من ملاحظات قد يمثل جزءا فقط من الاختلالات التي تحتاج لتعميق البحث والتدقيق وتفعيل الآليات الأخرى للرقابة البرلمانية، خاصة وأن عددا من الملاحظات المثارة قد تشكل ضربا لمبادئ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص، كما قد تمثل تبديدا للمال العام.