متنافسون أحدثوا تغييرات جذرية في تاريخ الرياضة

لطالما احتفى عالم الرياضة عبر التاريخ بظهور الأفكار والابتكارات الجديدة، التي بينت أن التنافس الرياضي يقترن بشكل وثيق بالتجديد والإبداع، ويمكنه الإسهام في التغيير المجتمعي وخدمة القضايا الإنسانية.

وذكر تقرير لصحيفة "أتلايار" (atalayar) الإسبانية أنه لا أحد اليوم يشكك في دور الرياضة في دفع الابتكار الذي يفيد كافة مجالات الحياة؛ ففي رياضة التنس -على سبيل المثال- بات الحكم يعتمد على تقنية عين الصقر للتثبت من تجاوز الكرة خط الملعب.

وبفضل التكنولوجيا أيضا أصبحت هناك اختبارات تقوم بها مجسات مركبة في خوذات لاعبي كرة القدم الأميركية، وسباقات الفورمولا1، بهدف قياس قوة الاصطدامات، وتوقع مدى خطورتها على رأس اللاعب أو تسببها في ارتجاج في المخ.

وهذه بعض الأمثلة حول التطورات العلمية والتكنولوجية المثيرة التي توصلت إليها البشرية في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات، بفضل المنافسة الرياضية التي مثلت الدافع بالنسبة للعلماء. إلا أن هذه الثورات لا تستند فقط إلى الآلات وبرمجيات الحاسوب؛ إذ إن الابتكار يتمثل أيضا في نجاح بعض الرياضيين في القيام بحركات وتقديم أداء يتجاوز حدود المعقول.

في العديد من الرياضات تأتي الثورة الحقيقية من الأشياء الصغيرة؛ إذ إن الأبطال لا يولدون فقط بفضل تمتعهم بأجود المنشآت الرياضية وأفضل التجهيزات والتقنيات، بل أيضا بفضل التزامهم وتضحياتهم وإصرارهم على التحسن كل يوم.

وهنالك رجال ونساء من طينة خاصة، يولون اهتماما بالغا للتفاصيل، ويحاولون إحراز التقدم وتحسين أدائهم يوما بعد يوم. ومن خلال جمعهم بين الموهبة والعمل الجدي أمكن لهم تحقيق النجاح والتحول إلى رواد للرياضات التي تخصصوا فيها.

وذكر التقرير أن تاريخ الرياضة لا يمكن النظر إليه من دون أن نتذكر أسماء مثل لاعب كرة القدم التشيكي أنتونين بانينكا، وعداء الماراثون الإثيوبي أديبي بيكيلا، ولاعبة التنس الأميركية بيلي جين كينغ، وغيرهم من الرياضيين الذين بلغ أداؤهم مستوى جعلهم يجددون طريقة أداء اللعبة، ويصبحون قدوة لكل من جاء بعدهم.

وتمكنت الرياضية البيلاروسية أولغا كوربت من خلال حركة الشقلبة العكسية الجريئة المعروفة بـ"شقلبة كوربت" من إدهاش الجماهير في الألعاب الأولمبية بميونخ عام 1972، بفضل هذه الحركة التي لم يسبقها إليها أي شخص، وبالتالي تمت تسميتها بذلك تيمنا باسم هذه الرياضية.

وهناك أيضا الأميركي ديك فوسبوري، رياضي القفز العالي، الذي ابتكر في 1968 حركة ارتبطت باسمه، وهي لا تزال المعتمدة من كل المتنافسين في هذه اللعبة حتى اليوم.

يذكر التقرير أيضا أن الثورات الرياضية لها تأثيرات مهمة على المجتمع؛ إذ إن الإيطالية ألفونسينا سترادا كانت أول امرأة تنافس في سباق الدراجات الهوائية التي كانت مقتصرة في السابق على الرجال. هذه المرأة التي كانت تسمى "الشيطان يرتدي تنورة"، أخفت هويتها الحقيقية عن اللجنة المنظمة، ولم تكتشف إلا في اليوم الذي انطلقت فيه بدورة إيطاليا للدراجات عام 1924

وأشار التقرير إلى أهمية النضالات التي خاضها رياضيو النخبة، من أجل الدفاع عن الأقليات وتمكينهم من المشاركة الطبيعية في المنافسات الرياضية. ومن هؤلاء أبيبي بيكيلا، الذي كان أول سفير أفريقي للألعاب الأولمبية. هذا العداء الذي يأتي من إثيوبيا كان يسمى "البطل حافي القدمين"، ومثّل مصدر إلهام لكل الرياضيين القادمين من بلدان فقيرة.

وفي الختام، يرى التقرير أن التنافس الشديد والرغبة في تحطيم الأرقام القياسية مثلا يعدان دافعا لتحقيق التقدم والإبداع، وتجويد الأداء البشري، إلا أن هذا الإبداع لا يمكن أن يغير العالم أو يؤثر فيه إلا إذا كانت الرياضة عنصر تغيير اجتماعي، حين يشارك الرياضيون في تجاوز الأفكار النمطية والصراعات السياسية.