تقرير إخباري : صعود جو بايدن لرئاسة أمريكا .. هل يكون الرئيس الأنسب للمنطقة العربية ؟

يستعد جو بايدن، الرئيس الأمريكي الجديد ، لتسلّم الحكم في شهر يناير المقبل ، رغم تحرّك ترامب على جبهات عدّة لمحاولة إلغاء نتائج تصويت الثالث من نونبر الجاري .

 

لا شك أن صعود الديمقراطيين، لرئاسة أقوى دولة في العالم على المستوى الاقتصادي والسياسي، سيكون له تأثير كبير على مجموعة من دول العالم .

إعلان جو بايدن، رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، جعل الكثيرون يتنفسون الصعداء، ليس فقط في بلاد العام سام، بل في كل أنحاء العالم، وطبعا المنطقة العربية لم تكن استثناءا .

 

صفقة القرن، والضغط على مجموعة من الأنظمة العربية، من أجل التطبيع مع إسرائيل، هي أمور إلى جانب أخرى ، ساهمت بشكل كبير في الصورة "السوداء" التي يحظى بها دونالد ترامب بين الشعوب العربية .

 

ممثل الجمهوريين، في الانتخابات الأمريكية، يراه المراقبون، أنه من بين أكثر رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، مراكمة للعداوات وأنه الرجل المزاجي والمتقلب، الذي لم يخفي رجل المال والأعمال الذي بداخله في خطاباته تجاه الأمريكيين .

إلا أنه بصعود جو بايدن، للحكم يمكن لعديد القضايا أن تتغير، وأن تتجه الإدارة الأمريكية، للمضي قدما في إعادة العلاقات الديبلوماسية والاقتصادية مع مجموعة من الدول، بالإضافة للعودة إلى المنظمات الدولية كما هو الشأن بالنسبة للصحة العالمية التي أعلن دونالد ترامب خروجه منها في وقت سابق، وذلك في عز الأزمة الصحية التي كان ومازال يمر منها العالم .

 

عودة للصحة العالمية

 

محمد أشلواح، أستاذ  العلاقات الدولية بكلية الحقوق بأكدال، يرى أن صعود جو بايدن للحكم ستأثر بشكل كبير عن العلاقات بين أمريكا ومجموعة من دول العالم .

أشلواح وفي قراءة لـ"بلبريس"، يشير إلى أن "الولايات برئاسة بايدن ستعود لمنظمة الصحة العالمية الذي قرر ترامب في وقت سابق مغادرتها في عز الأزمة الصحية وهو الأمر الذي أثار الكثير من الجدل بسبب الأزمة التي كان يمر منها العالم أنذاك ومازالت لحدود اليوم" .

 

أستاذ العلاقات الدولية، أوضح أن جو بايدن، سيستكمل سياسة باراك أوباما، مضيفا أن "السياسة المعتمدة مستقبلا في الإدارة الأمريكية، من جو بايدن باعتباره أستاذا لن تكون بشكل مؤكد كما سابقتها لرجل المال والأعمال دونالد ترامب" .

 

أولويات الديمقراطيين

 

أما بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة من الدول كالصين وإيران ، أكد أشلواح أن "الديمقراطيين طالما استعمالو الخيارات الديبلوماسية وهذه قاعدة أساسية عند الحزب الديمقراطي، عكس الجمهوريين الذين يعتبرون القوة السبيل الوحيد والأنجع في العلاقات الدولية".

 

المتحدث أوضح أن جو بايدن، سيختلف بشكل كبير عن سياسة دونالد ترامب، وأنه سيعمل على تأمين الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية والرفاهية الاجتماعية، كما أكد على ذلك في اخر خطاباته بعد الإعلان عن فوزه بالرئاسة الأمريكية .

 

تجميد "صفقة القرن"

عربيا كذلك ستتأثر المنطقة بانتخاب جو بايدن، رئيسا لأمريكا، ويشير محمد أشلواح، أن "الرئيس الديمقراطي بدون الشك سيجمد صفقة القرن التي أحدثها  دونالد ترامب في وقت سابق" .

وفي ذات السياق، وما يشير إلى هذه الخطوة بشكل كبير، اختار الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن، "ريما دودين" وهى أمريكية من أصول فلسطينية وأردنية كمدير مكتب الشؤون التشريعية فى البيت الأبيض، ضمن فريقه الرئاسى الجديد .

وكانت المسؤولة في البيت الأبيض، بمعية جو بايدن، عملت كمساعدة ومستشارة للسيناتور الديمقراطى ديك دوربين، من ولاية إلينوى، كما عملت سابقا مديرة أبحاث ومساعدة للسيناتور الديمقراطى فى اللجنة القضائية الفرعية لحقوق الإنسان والقانون

 

عودة الدفئ الأمريكي الإيراني

 

أشلواح أشار إلى أن صعود بايدن للحكم، سيعيد المياه لمجاريها مع إيران وسيدبرون العلاقات في إطار ديبلوماسي والاتفاق النووي، وهو الملف الذي أحدث الكثير من الجدل في المنتظم الدولي، بالإضافة للعقوبات التي فرضت حينها على طهران .

 

العلاقات المغربية الأمريكية

 

صعود جو بايدن، وكما تمت الإشارة إليه سابقا، سيكون له تأثير على كل العالم، باعتبار الولايات المتحدة الأمريكية، تعد الأقوى اقتصاديا وعسكريا، والمغرب لن يكون استثناء.

 

أستاذ العلاقات الدولية، يقول حول العلاقات المغربية الأمريكية، "لا يمكننا الحديث عن العلاقات الثنائية بين الدولتين في عهد جو بايدن، دون العودة لولاية دونالد ترامب"، مضيفا  "الديبلوماسية المغربية تعاملت بحنكة مع الولايات المتحدة الأمريكية في ولاية ترامب بالرغم من أن الأخير نوعا ما مزاجي وتحركاته غير محسوبة أحيانا ولكن ترامب وقع على بند في السنة الماضية يقدم من خلالها مساعدات الصحراء للمغرب من خلال مجلس الشيوخ .

 

 

أشلواح أشار كذلك إلى أن العلاقات المغربية الأمريكية، لطالما طبعها الود والتواصل الدائم، مردفا أنه لو استمر دونالد ترامب في الرئاسة الأمريكية، كان من الأمكن أن يكون قرار غير مناسب في أي لحظة، تجاه قضية الصحراء المغربية، باعتبار الرئيس السابق كانت له مواقف وتصرفات يمكن اعتبارها "متسرعة وغير محسوبة" .

 

ورقة "حقوق الإنسان"

 

"الديمقراطيون وحقوق الإنسان"، متلازمة لطالما تعود عليها العالم، بعد صعود الديمقراطيين لحكم الولايات المتحدة الأمريكية .

في هذا الإطار لم يخفي أشلواح، التأثير الذي قد يحدثه صعود جو بايدن، للحكم ويقول أستاذ العلاقات الدولية في الموضوع ذاته، "الأمر الذي قد يجد فيه المغرب تأثيرا بسيطا ، بعد صعود الديمقراطيين للحكم هو المتعلق بحقوق الإنسان، بحكم أن  الديمقراطيين طالما دافعو عن حقوق الإنسان".

 

ويشير المتحدث كذلك إلى "أن هناك قرب بين المؤسسات الأمريكية المدافعة عن حقوق الإنسان، بجبهة البوليساريو "الانفصالية"،  وهو الأمر الذي يعيد النقاش لحقوق الإنسان"، مستدركا "لكن أعتقد ورقة حقوق الإنسان الذي تحاول جبهة البوليساريو العمل عليها، فقدت مصداقيتها في المنتظم الدولي ويعلم الجميع أن الأمر لا يتجاوز ما هو سياسي".

 

أستاذ العلاقات الدولية، يؤكد في التصريح نفسه، "نعلم أن المناطق الجنوبية للمملكة باتت وجهة للمنظمات الحكومية والغير الحكومية والبرلمانيين الأوروبيين، التي تؤكد أنه ليس هناك انتهاكات ممنهجة وأن حقوق الإنسان في المناطق الجنوبية تحترم بشكل كبير وأن هناك تطور كبير في المجال هناك" .

وخلص المتحدث في التصريح نفسه، "مسألة حقوق الإنسان باتت متجاوزة حتى في قرارات الأمم المتحدة ولم يعد هناك الحديث عن انتهاكات بالأقاليم الجنوبية للمملكة ".

 

صفقة القرن انتهت

 

وعقب إعلان فوز بايدن بالرئاسة، كتب الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي أن الرئيس المنتخب "متعاطف مع تونس وثورتها السلمية الديمقراطية." وقال في تصريحات إعلامية لاحقة إن ترامب كان "كارثة عظمى على العرب" وإن "صفقة القرن انتهت".

 

"هل تنتهي صفقة القرن مع صعود جو بايدن؟" سؤال بات مطروحا بقوة، ولاسيما بعد وعود الديمقراطي المنتخب، في حملته الانتخابية .

وتعهد بايدن في حملته بإحياء العلاقات مع السلطة الفلسطينية وإعادتها للمشهد، وعودة المساعدات التي أوقفتها إدارة ترامب للاجئين، وكذلك عدم التشجيع على ضم الأراضي وبناء المستوطنات. "لكن مرة أخرى، لم يعد لدول المنطقة ثقل سياسي تفاوض على أساسه، فإسرائيل استغلت انشغالنا - نحن العرب - بالانتخابات الأمريكية لتنكل بقبائل من البدو في الأراضي الفلسطينية".

هي قضايا وأخرى، وأسئلة متكررة تطفو على السطح، مع صعود الديمقراطيين للحكم، وسنوات حكم بايدن هي الوحيدة، كفيلة بالإجابة عنها .