نوفل البعمري يكتب : الدرس التونسي

كان البرلمان التونسي على موعد ديمقراطي و مؤسساتي جذير بالانتباه إليه و إلى بعده الديموقراطي و المؤسساتي و تأثير هذا التمرين على الحياة السياسية بتونس، و هو تمرين يعيد إلى الأذهان نحن بالمغرب ممن نتابع المشهد هناك نستحضر جزء من تاريخ المعارضة بالمغرب خاصة الإتحادية عندما كانت تقدم ملتمسات رقابة رغم علمها بخسارتها عدديا لكن سياسيا كانت عنوان لانتصار ديمقراطي، هو نفسه بشكل أو بآخر عاشه البرلمان التونسي الذي أصبح اليوم الصراع فيه واضحا، صراعا سياسيا بفرز لقوى الحداثة التي تقودها اليوم البرلمانية عبير موسى التي رغم كل ما قيل عنها و ما وجه بها من اتهامات إلا أنها ظلت تعبر على امتداد سياسي لفترة بورقيبة التي أسس فيها لتونس المدنية، هي و مختلف الكتل البرلمانية التي دعمتها في سحب الثقة من راشد الغنوشي الذي كان قد التزم سنة 2011 بعدم الترشح لأي مسؤولية سياسية بتونس، و قوى المحافظة التي تقودها حركة النهضة.

التمرين التونسي قد يكون في جوانب منه مرتبط بتفاعلات الأزمة الليبية التي تحولت لأزمة إقليمية باصطفافات متباينة و نظرا للقرب التونسي لليبيا و لما شكلته في السنوات الأخيرة ملجئا للتنظيمات الإرهابية قبل أن يتم توجيه ضربات لها و محاصرتها، الأزمة الليبية و انهيار محتمل للدولة الليبية مع مختلف التهديدات لدول الجوار على رأسها تونس التي تحتاج اليوم إلى الاصطفاف اكثر وراء اتفاق الصخيرات لدعمه، باعتباره المخرج السياسي الوحيد للأزمة الليبية و للحفاظ على ليبيا موحدة، و بناء مؤسسات الدولة الليبية على أسس تحقق الأمن و الديموقراطية.

ما حدث في تونس و بغض النظر على نتائج التصويت، التي قد تبدو عدديا أنها حافظت على الغنوشي في رئاسة البرلمان التونسي، فإنه من الناحية السياسية أدى إلى الإعلان عن صوت سياسي يتشكل من حوالي نصف أعضاء البرلمان التونسي يطالبون فيه بالحفاظ على مدنية الدولة التونسية و المبادئ التي تأسست عليها في مرحلة بورقيبة، هذا الصوت رغم الاتهامات التي وجهت له خاصة منها الدعم الخارجي إلا أنه يظل صوتا سياسيا لتعبير مجتمعي تونسي واضح، يمتد ليشمل قوى سياسية و مدنية و شبابية تونسية ضد هيمنة التيار الديني على مؤسسات الدولة التونسية و على التشريعات التي يصدرها البرلمان التونسي.

التمرين التونسي هو تمرين ديمقراطي، تمرين من داخل الدستور و تفعيل لحق الكتل البرلمانية في سحب الثقة من رئاسة البرلمان التونسي،و على ما حاول أنصار التيار الإخواني بتونس و المغرب كذلك من خلال تدوينات المحسوبين عليه في المغرب، فالأمر لا يتعلق بانقلاب على المؤسسات و لا بانقلاب على الديموقراطية، بل بحق دستوري في إطار البناء الديموقراطي لتونس مدنية.