كشف تقرير التنمية البشرية لسنة 2025، الصادر اليوم الثلاثاء 6 ماي عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، عن تحقيق المغرب لتحسن طفيف في تصنيفه العالمي، حيث انتقل من المرتبة 122 سنة 2022 إلى المرتبة 120 بمؤشر تنمية بشرية بلغ 0.710، في خطوة تعكس استمرار الجهود الوطنية لتعزيز قطاعات التعليم والصحة والدخل، رغم التحديات المتراكمة منذ جائحة كوفيد-19.
ويعتمد المؤشر الذي يتراوح بين 0 و1 على قياس مدى التقدم في الأبعاد الثلاثة الأساسية للتنمية البشرية، وهي الصحة الجيدة، التعليم الجيد، ومستوى المعيشة اللائق. ورغم التحسن المحدود، إلا أن التقدم المسجل يُعد مؤشراً إيجابياً على بداية استعادة التوازن التنموي بعد سنوات من التقلبات العالمية والإقليمية.
وأشار التقرير إلى أن المغرب، في سياق التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم بفعل الذكاء الاصطناعي، مدعو إلى اعتماد اختيارات استراتيجية واضحة تُمكن المواطنين من الاستفادة الفعلية من التطورات التقنية، ليس فقط عبر التركيز على البنية التكنولوجية، بل من خلال توجيه هذه القدرات لخدمة الإنسان وتوسيع خياراته.
وسلط التقرير الضوء على أهمية تعزيز القدرة الوطنية على استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، مبرزًا أن ذلك يظل رهينًا بتوفر بيانات صحية دقيقة ومنظمة. كما دعا إلى تطوير الأطر القانونية والتنظيمية الكفيلة بحماية البيانات الشخصية، وتوسيع الاستثمار في أنظمة المعلومات الصحية، بما يضمن اتخاذ قرارات قائمة على الأدلة وتحسين جودة الخدمات العمومية.
وعلى المستوى العالمي، تصدرت آيسلندا التصنيف بمؤشر بلغ 0.972، تلتها النرويج وسويسرا، في وقت سجلت فيه بعض الدول الإفريقية مؤشرات تنموية ضعيفة، مثل جنوب السودان (0.388) والصومال (0.404)، ما يعكس استمرار الفجوة بين الدول المتقدمة والدول ذات البنيات الهشة.
إقليمياً، جاء المغرب في المرتبة 12 من بين 21 دولة عربية شملها التقرير، متقدماً على دول مثل العراق وفلسطين وسوريا، فيما تواصل دول الخليج تصدرها للتصنيف الإقليمي، إذ احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة 15 عالمياً بمؤشر 0.940، تلتها السعودية، البحرين، قطر، عمان والكويت. كما تفوقت ليبيا (المرتبة 115) على المغرب بشكل طفيف، فيما جاءت الجزائر في المرتبة 96، وتونس في المرتبة 105.
وأكد التقرير أن تحقيق نتائج إنمائية عادلة ومستدامة في زمن التحول الرقمي يقتضي وضع سياسات تشاركية وشاملة، تعتمد على إدماج البعد الأخلاقي والحقوقي في تصميم خوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتفعيل آليات الشفافية والمساءلة، وتعزيز الحماية الاجتماعية الرقمية، بما يضمن استفادة جميع المواطنين من ثمار التقدم التكنولوجي ويحد من التفاوتات المجتمعية.
ويفتح التقدم المسجل في التصنيف باب الأمل أمام المغرب لمواصلة الإصلاحات البنيوية وتحسين تموقعه ضمن خريطة التنمية العالمية، خاصة في ظل توجهات الدولة نحو رقمنة القطاعات الحيوية، وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، وتعزيز الرأسمال البشري باعتباره ركيزة أساسية لأي تحول تنموي مستدام.