نجح الحرس المدني الإسباني، بعد أشهر من التحقيقات المعقدة والدقيقة، في تفكيك شبكة إجرامية منظمة يقودها أفراد من أصول مغربية. كانت هذه الشبكة تنشط في مجالات إجرامية متعددة وشديدة الخطورة، شملت تهريب الأسلحة وتصنيعها داخل ورشات سرية، بالإضافة إلى تزوير وثائق رسمية تُستخدم لتسهيل الهجرة غير النظامية ودعم عمليات الاتجار الدولي بالمخدرات.
وانطلقت شرارة التحقيقات المكثفة عقب ضبط السلطات الإسبانية لطرد بريدي مشبوه كان في طريقه إلى تركيا. احتوى هذا الطرد على جوازات سفر إسبانية مزورة، مما أثار انتباه المحققين بشكل خاص، نظراً لكون تركيا تُعد نقطة عبور رئيسية للمهاجرين الساعين للوصول إلى أوروبا.
وأسفرت التحريات اللاحقة عن الكشف عن عمليات تزوير واسعة النطاق كانت تديرها الشبكة، لم تقتصر على جوازات السفر، بل شملت بطاقات هوية من جنسيات متنوعة، وتصاريح إقامة، ورخص قيادة، وحتى وثائق الفحص الفني للسيارات. وقد اعتمدت الشبكة في عملياتها على معدات متطورة، من ضمنها آلات ختم حراري وطابعات احترافية لضمان جودة الوثائق المزورة.
ومع تعمق الأبحاث، انكشف الوجه الأكثر خطورة لنشاط الشبكة الإجرامي، والمتمثل في الاتجار بالأسلحة النارية. ودفع هذا الاكتشاف الخطير السلطات إلى إطلاق عملية أمنية موازية استهدفت هذا الجانب من نشاط العصابة، مما أدى إلى اعتقال ثلاثة أشخاص في منطقة "جيان"، وضبط قطع أسلحة نارية، وكميات من الخراطيش من عيارات مختلفة، بالإضافة إلى كواتم صوت وسترات واقية من الرصاص.
وأوضحت التحريات أن هذه الأسلحة كانت تُهرّب بهدف تزويد شبكات الهجرة السرية وتجار المخدرات، مما يبرز مدى تعقيد وتشابك الجرائم المرتبطة بهذه العصابة. وتواصل السلطات الأمنية الإسبانية عملياتها لتعقب باقي المشتبه بهم والمتورطين في اقتناء هذه الأسلحة والذخيرة بطرق غير قانونية.
وفي سياق متصل، حذرت جمعيات أمنية من التزايد المقلق للورشات غير الشرعية لصناعة الأسلحة في إسبانيا، وخصت بالذكر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين. ونبهت هذه الجمعيات إلى خطورة تحول هاتين المنطقتين إلى مراكز لتصنيع وتسويق الأسلحة بشكل غير قانوني، بدعم من شبكات إجرامية عابرة للحدود يقودها أفراد من أصول مغربية. وتأتي هذه العملية الأخيرة بعد أسابيع قليلة فقط من تدخل نوعي آخر للحرس المدني في سبتة، أطاح بمنظمة إجرامية كانت بحوزتها أسلحة حربية.
وتشير التقارير إلى انتشار مقلق لأسلحة "كلاشنكوف" في المدينتين المحتلتين، حيث دأبت عصابات مسلحة على استخدامها لتهديد المواطنين المغاربة، سواء المقيمين أو العابرين، بل وصل الأمر إلى حد استعراض هذه الأسلحة علانية فوق أسطح المنازل. وقد دفع هذا الوضع الخطير جمعيات عدة إلى دق ناقوس الخطر، والتنبيه إلى أن انتشار الأسلحة النارية بلغ مرحلة تهدد أمن المنطقة، بما في ذلك المغرب، مما يفرض ضرورة تشديد المراقبة على جميع المعابر الحدودية، خوفاً من تهريب هذه الأسلحة. وتؤكد التحريات الأمنية السابقة خطورة الوضع، حيث تم العثور في عمليات سابقة على أنواع متعددة من الأسلحة النارية كالمسدسات وبنادق الصيد والكلاشنكوف، بالإضافة إلى ضبط آلات طباعة ثلاثية الأبعاد متطورة تُستخدم في صناعة الأسلحة، ومواد خطيرة قادرة على تسليح عدة شبكات إجرامية تنشط في المنطقة.