نمو بلا وظائف .. في البحث عن خلطة سحرية لتدارك الأزمة

في عالم يتغير بسرعة، ينبغي علينا أن نلقي نظرة عميقة على توازن النمو الاقتصادي وتزايد فرص العمل في المغرب. ترسم هذه الكلمات صورة حية للواقع الاقتصادي، حيث يتقاطع التحدي الاقتصادي مع تطلعات الشباب نحو مستقبل أكثر استدامة.

وفي هذا السياق، يطرح الخبير في قانون الأعمال والاقتصاد، بدر زاهر لزرق، في تصريحه لبلبريس، العلاقة المعقدة بين نسب النمو وإمكانيات خلق الوظائف، وأيضا التوقعات المتنوعة للاقتصاد المغربي في العام الحالي. حيث يتجلى التفاؤل في تجاوز نسب النمو حاجز 3٪. ومع ذلك، تظهر معوقات متنوعة أمام تحقيق نجاح مستدام.

الاعتماد على قطاعات الصناعة والسياحة، بالاضافة الى الخدمات هو الخيار الأمثل. لكن كتوقع سلبي، القطاع الفلاحي سيفقد مناصب شغل أخرى نظرا لحالة الجفاف التي تعاني منها المملكة.

ويشير الخبير بداية، الى أن توازن نسب النمو مع ارتفاع خلق فرص العمل قاعدة عامة. ولكن للأسف، في المغرب يجب دائمًا اللجوء إلى المعطيات التي تقدمها المندوبية السامية للتخطيط بشأن أداء القطاعات ومقارنة أدائها مع نسب النمو وإيجاد فرص للشغل.

ونرى اليوم أنه من المتوقع أن تتجاوز نسب النمو 3 إلى 3.4 في هذه السنة، ولكن توقعات إيجاد فرص العمل ضعيفة إلى متوسطة. أولاً، بسبب أداء غير مستقر في عدة قطاعات. أحد أهم هذه القطاعات في المغرب هو القطاع الفلاحي، الذي يتأثر بتقلبات الطقس، وبالتالي فإن فرص العمل تعتمد على الظروف الجوية.

كما يحدث مع باقي القطاعات باستثناء القطاع الصناعي، الذي يظهر استقرارا في خلق فرص العمل. من جهة أخرى، يلاحظ انخفاض أداء القطاع العام، الذي كان يلعب دورًا في إيجاد فرص العمل في المغرب، بسبب التوجهات نحو تقليص الكتل الأجرية وتبني أنظمة توظيف جديدة، بما في ذلك التعاقد المباشر في قطاع الصحة، والأكاديميات التعليمية.

على الرغم من ذلك، فإن الرهان الكبير اليوم على أداء القطاع الصناعي، وبشكل محدد القطاع الخاص لخلق فرص الشغل. وهناك جهود لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، خاصة في القطاعات الأكثر نشاطًا مثل صناعة السيارات والكابلاج...، والتي نجحت في خلق ما يقرب من 200 ألف منصب في السنوات القليلة الماضية.

لذلك، يبدو أن السياحة ستستمر في النمو، حيث تظل واحدة من القطاعات الرئيسية، التي يمكنها توفير عدد من فرص العمل. ومن المتوقع أن يتواصل النمو في القطاع الصناعي، مما يجعل الاعتماد على قطاعات الصناعة والسياحة، بالاضافة الى الخدمات هو الخيار الأمثل. لكن كتوقع سلبي، القطاع الفلاحي سيفقد مناصب شغل أخرى نظرا لحالة الجفاف التي تعاني منها المملكة.

بشكل عام، يتوقع أن يكون الرهان كبيرًا على هذه القطاعات، خاصة مع انطلاق المشاريع المرتبطة بكأس العالم، وتعزيز البنية التحتية لتعويض فقدان مناصب شغل في بعض القطاعات.

 

وعبر التقرير الأخير الصادر عن البنك الدولي لسنة 2023، عن توقعات إيجابية للاقتصاد المغربي، حيث سجل ارتفاع معدل النمو الاقتصادي إلى 3% في عام 2023. إذ يعود هذا التحسن الى صافي الصادرات، على خلفية التراجع الحاد، الذي شهدته البلاد في عام 2022، نتيجة لمجموعة من التحديات السلعية والمناخية المتداخلة.

وتتوقع التقديرات، بأن يتسارع هذا التعافي في المدى المتوسط، حيث يشير التقرير إلى تحقيق نمو إجمالي للناتج المحلي الحقيقي الذي يبلغ 3.1% في عام 2024، و3.3% في 2025، و3.5% في 2026، مع استعادة التوازن التدريجي للطلب المحلي من تأثيرات الصدمات السابقة.

وفي سياق آخر، تبرز قدرة المغرب على التكيف القوي مع التحديات الخارجية، حيث يظهر طلب خارجي قوي على منتجات وخدماته، وذلك رغم التباطؤ الاقتصادي على الصعيدين الوطني والعالمي. وتظل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، قوية وتتجه بشكل متزايد نحو قطاع الصناعات التحويلية.

وعلى الرغم من الصعوبات التي فرضها الزلازل والصدمات السابقة، يبدو أن المغرب قادر على تحقيق التوازن بين الصمود الخارجي وتعزيز النمو الاقتصادي. حيث يتحدث التقرير أيضًا، عن انخفاض ملحوظ في معدل التضخم، خلال فترة معينة من العام 2023، مع استمرار ارتفاع أسعار الغذاء وتأثيرها المتفاوت على الفئات الاقتصادية الضعيفة.

وفي هذا السياق، أكد جيسكو هنتشل، المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي، على استمرار القدرة التكيفية للمغرب وقوته في مواجهة التحديات، مع التأكيد على أهمية تنفيذ الإصلاحات المخططة لضمان بناء على هذه القدرة في تعزيز التنمية وتحقيق الأهداف الإنمائية الطموحة المحددة في النموذج التنموي الجديد.