وكالة أنباء روسية ترصد مآلات الوساطة الأمريكية بين المغرب الجزائر

تدخل القطيعة الدبلوماسية بين الجزائر والمغرب عامها الخامس مباشرة بعد تاريخ 25 غشت الجاري، في ظل مساع أمريكية ودولية لحل النزاع المستمر منذ سنوات طويلة، فالمغرب، الذي يواصل مد يد الصلح، رحب بالمبادرات العربية والدولية، لكنه يواجه رفضا جزائريا مستمرا يعرقل أي تقدم نحو المصالحة، وفق مصادر دبلوماسية نقلتها “سبوتنيك”.

في 24 غشت 2021، أعلن وزير الخارجية الجزائري آنذاك، رمطان لعمامرة، قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب متّهما الرباط بأعمال عدائية، فيما لم تنجح الوساطات العربية من دول مثل مصر والسعودية في تقريب وجهات النظر بين البلدين المغاربيين.

وكثفت الولايات المتحدة الأمريكية تحركاتها لحل نزاع الصحراء المغربية، بالاعتماد على مقترح الحكم الذاتي المغربي كحل نهائي للنزاع، إذ يأتي هذا المسار منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث شدد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، على أن الحكم الذاتي المغربي يمثل “الأساس الواقعي والدائم” لإنهاء الأزمة المستمرة منذ عقود.

وكشفت مصادر لـ”سبوتنيك” أن واشنطن فتحت قنوات تواصل سرية مع الجزائر لدفعها نحو الانخراط الجدي في مسار التسوية تحت إشراف الأمم المتحدة، بهدف تجاوز الجمود وإقناع الجزائر بقبول الحكم الذاتي كحل سياسي وحيد ممكن.

وكان المستشار الأمريكي مسعد بولس قد زار الجزائر، حيث تمحورت محادثاته مع المسؤولين حول ملف الصحراء، وأوضح لاحقاً لصحيفة محلية أن واشنطن ترى في الحكم الذاتي “الحل الوحيد” الذي يضمن الاستقرار الإقليمي ويضع حداً لنزاع طال أمده، ويأتي هذا الحراك الأمريكي المكثف قبيل اجتماع مجلس الأمن الدولي المقرر في أكتوبر المقبل، وسط توقعات بتمديد مهمة بعثة “المينورسو”، مع مؤشرات تمنح الاجتماع زخماً إضافياً وقد تدفع الأمم المتحدة نحو موقف أوضح يدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي.

في هذا السياق، أكد أحمد نور الدين، عضو المجلس المغربي للشؤون الخارجية، لـ”سبوتنيك” أن المغرب رحب بالمبادرة الأمريكية، كما سبق أن استجاب للمبادرات العربية سواء الفردية أو عبر الجامعة العربية، غير أن الجزائر رفضت جميع المحاولات، سواء العربية أو الدولية، بما فيها إدراج ملف المصالحة مع المغرب في جدول أعمال قمة الجامعة العربية 2022.

وأضاف أن المغرب اقترح أكثر من خمس مرات منذ 2018، وعلى لسان الملك محمد السادس مباشرة، إجراء حوار مباشر مع الجزائر دون شروط مسبقة، مؤكدا في خطاب العرش الأخير يوم 29 يوليوز 2025 على ضرورة إيجاد حل “لا غالب فيه ولا مغلوب”، لكن الجزائر واصلت الرفض والتصعيد.

ويشير نور الدين إلى أن جوهر الخلاف يتعلق بالصحراء، حيث تقول الجزائر إنها ليست طرفاً فيه وتدعم مطالب جبهة البوليساريو ومسلسل الأمم المتحدة، مستمرة بذلك في موقفها المعارض للمغرب، رغم تجاوبه مع كل المبادرات ودعوته للحوار المباشر. وأوضح أن أي وساطة تتطلب وقف الحملات الإعلامية والدبلوماسية العدائية، إلا أن الجزائر منذ خمسين عاماً تخوض حرباً إعلامية مستمرة ضد المغرب.

ويجمع محللون في الشأن المغاربي على أن عودة ترامب أعادت رسم توجهات السياسة الأمريكية في المنطقة، مع تركيز واشنطن على الاستقرار الإقليمي وتقييد نفوذ قوى أخرى، ما يعزز فرص قبول الجزائر بمقترح الحكم الذاتي، ومع تصاعد الضغوط الدولية، يبقى المغرب، الذي يواصل دعوته للحوار ومبادرات الصلح، الطرف الأكثر مرونة، بينما يواصل العداء الجزائري إعاقة أي مسار نحو تسوية دائمة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *