عدم ترأس أخنوش لاجتماع قادة الأحزاب.. غضبة أم إجراء روتيني؟

أثار غياب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن رئاسة الاجتماع الذي عقده وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت مع قادة الأحزاب السياسية يوم السبت الماضي، في إطار التحضير المبكر للانتخابات التشريعية لعام 2026،(أثار) ردود فعل متباينة، وصلت حد اعتبار الأمر “غضبة” أو مؤشرا على توتر مفترض داخل السلطة التنفيذية، وهي تأويلات اعتبرتها مصادر مطلعة مجانبة للصواب وتفتقر إلى السند الدستوري والسياسي.

وبينما روج بعض المحسوبين عن حزب العدالة والتنمية لمزاعم تربط غياب أخنوش بغضبة ساهمت في إبعاده عن ترأس لقاء المشاورات، نفت مصادر لـ”بلبريس” هذا الطرح جملة وتفصيلا، مؤكدة أن اللقاء يندرج ضمن الاجتماعات التقنية والمؤسساتية التي تندرج في صميم اختصاص وزارة الداخلية، باعتبارها الجهة المشرفة تنظيمياً وإدارياً على العملية الانتخابية، كما هو منصوص عليه في الأعراف والممارسات الديمقراطية المتبعة في المغرب منذ عقود.

وأكدت المصادر ذاتها، في حديثها لـ”بلبريس”، أن وزارة الداخلية هي التي عهد إليها تاريخياً بقيادة المشاورات السياسية حول الإعداد للانتخابات.

وأشارت مصادرنا إلى أن “هذه الممارسة ليست سابقة أو استثناء ظرفياً، بل نهج مؤسساتي راسخ، كما وقع في انتخابات 2012 و2016 التي ترأس خلالها الاجتماعات التشاورية وزير الداخلية ووزير العدل والحريات، دون حضور رئيس الحكومة، وأيضاً في سنة 2020، حين أشرف وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، بمعية الوزير المنتدب نور الدين بوطيب، على ذات النوع من اللقاءات مع الفرقاء السياسيين.

وتوضح المصادر أن غياب أخنوش لا ينبغي تحميله أبعاداً سياسية أو تفسيره بنظرية الخلاف، لكونه ببساطة رئيس حزب سياسي معني بشكل مباشر بالانتخابات، في حين تتطلب رئاسة مثل هذه اللقاءات منطق الحياد والابتعاد عن الاصطفاف الحزبي، وهي الخصائص التي تتوافر في وزارة الداخلية، ما يجعل إشرافها على العملية يحظى بقبول كل الأطراف، بمن فيهم خصوم الحكومة أنفسهم.

وشددت المصادر نفسها على أن اللقاء، الذي يندرج ضمن تفعيل التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش، والذي دعا إلى تنظيم الانتخابات في موعدها الدستوري ووضع إطارها القانوني قبل نهاية السنة، مرّ في أجواء من الحوار المسؤول، وتم الاتفاق فيه على إحالة الأحزاب لمقترحاتها التشريعية بشأن المنظومة الانتخابية قبل نهاية غشت الجاري، تمهيداً للتوافق حولها خلال الدورة البرلمانية الخريفية المقبلة.

ويرى مراقبون أن محاولة توظيف غياب أخنوش سياسياً من طرف بعض الجهات، يتغافل عن المعطيات الدستورية والمؤسساتية الحاكمة لهذه المرحلة، ويقحم خلافاً وهمياً في مسار تشاوري يطغى عليه البعد التقني والتنظيمي، ما يستدعي تصحيح هذه الصورة لدى الرأي العام وتفادي الانزلاق نحو تأويلات تبعد النقاش عن جوهره الحقيقي، المتمثل في ضمان شروط الشفافية والجاهزية للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *