سيميائيات الصورة في اجتماع "البام":بنسعيد"القوة الصاعدة والواعدة"والمنصوري"القائدة التائهة والمنهكة"
توحي صور من اجتماع المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة (البام) توصلت بها بلبريس،ان لها دلالات سيميولوجية أكثر مما تظهره الكلمات، فهي تحمل شحنات دلالية عميقة تكشف احوال قيادات البام النفسية والفكرية.
من بين هذه الصور ، صورة تظهر المهدي بنسعيد بالزي التقليدي الواثق بنفسه والضابط لإيقاع نقاشات الاجتماع ، بنظرات حادة ومترقبة، كأنه ضابط يمسح المكان بنظرة فاحصة، يريد من خلالها ان يعطي صورة ايجابية لحزب الاصالة والمعاصرة ربما بهدف إعادة وصل الحزب بقواعده الشعبية.
في المقابل، تبدو فاطمة الزهراء المنصوري، قائدة التنسيق القيادي للحزب، منهكة وتائهة سياسياً، وملامحها تحمل آثار التعب والضغط. هذه الصورة تعكس، بشكل رمزي، ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها كوزيرة للإسكان والتعمير، وملف إعادة إيواء ضحايا زلزال الحوز الذي يثقل كاهلها.
هذا التباين في الصورة، بين بنسعيد "المتربص" والمنصوري "المنهكة"، يثير تساؤلات حول مستقبل القيادة الثنائية للحزب، وعما إذا كان بنسعيد يستغل مشاكل المنصوري وصعوبات منصبها الوزاري لتحقيق مكاسب تنظيمية، وهذا ما تؤكده عدة مؤشرات داخل انشطة الحزب.
هذه المشهدية البصرية تعكس صراعاً خفياً على النفوذ داخل "البام"، قد يكون له تداعيات على مستقبل الحزب ودوره في المشهد السياسي المغربي .
لا يمكن فصل هذه الصورة عن السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي يعيشه المغرب ، وعدم رضى قيادة البام على ارتفاع الأسعار والصعوبات الاقتصادية، مما يعكس وعياً بالتحديات التي تواجه الحكومة، التي يعد حزب "البام" جزء منها.
قلق تجسد في بلاغ المكتب السياسي الذي طالب بتكثيف المراقبة على المضاربين وإلغاء الإعفاءات الجمركية، تعاطفا مع هموم المواطنين، ولكنها قد تشير أيضاً إلى خلافات داخل الأغلبية الحكومية حول السياسات الاقتصادية المتبعة.
الصورة، بكل تفاصيلها، تحمل رسائل ضمنية تتجاوز مجرد نقل الخبر. إنها تعكس صراعاً صامتا على النفوذ داخل حزب الاصالة والمعاصرة من جهة. ومن جهة اخرى تجسد عدم رضاه على منهجية تدبير الحكومة للسياسات العمومية، وتعبر عن تساؤلات حول مستقبل القيادة السياسية في البلاد. إنها قراءة سيميولوجية لصورة واحدة، تكشف عن عالم من التعقيدات والتناقضات.
ان صورة المنصوري وصورة بنسعيد في اجتماع المكتب السياسي لحزب الاصالة والمعاصرة الاخير هي ابلغ من الكلمات ، انها صورة تجسيدية لحالة قياديين ، القيادي بنسعيد الوزير الشاب الذي اصبح يشكل فوة صاعدة تقلق بعض صقور حزب البام وحتى بعض قيادات احزاب الاغلبية ، وبين صورة القيادية المنصوري المنهكة التائهة التي اتعبتها السياسة، وقلقها اتجاه مخاطر الوضعية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الحالية.