في خضم الأزمة التي تعصف بدول ساحل الصحراء وغرب أفريقيا، تأتي زيارة رئيس وزراء النيجر، على محمد لمين زين، إلى المغرب حاملة في طياتها الكثير من المعاني والدلالات.
وقد شمل الوفد المرافق للرئيس كل من، وزير الدولة ووزير الدفاع الوطني ساليفو مودي، ووزير الخارجية بكاري ياو سانغاري، ومسؤولين كبار.
وتجدر الإشارة إلى أن النيجر تعيش على صفيح ساخن، جراء ثمار البحث عن الحرية، من التبعية للنفوذ الاقتصادي والسياسي لفرنسا في المنطقة.
كما تعرضت للكثير من المضايقات، بعد الانتقال السياسي الأخير الذي عاشته، ضد النظام الموالي لفرنسا.
غير أنها تعرضت لعقوبات من قبل مجموعة غرب أفريقيا، من أجل الضغط عليها لإعادة النظام السابق؛ خوف من امتداد الربيع الأفريقي لباقي دول المجموعة.
وهنا يكمن مستوى التغلغل والتغول الفرنسي في المنطقة، الذي يواجه تمرد من الأفارقة؛ غير أنها تشهر ورقة الإرهاب، لشرعنة الوجود العسكري لقواتها.
وفي هذا السياق، شهدت نيجر هجمات مسلحة في الشمال، شنتها جماعات إرهابية؛ وتركت لتواجه مصيرها مع كل من مالي وبوركينا فاسو.
وفي ظل هاته المخاطر، حافظ المغرب على التوازن في العلاقات ما دول المنطقة، في أفق تأسيس شراكة مع دول منطقة غرب أفريقيا وساحل الصحراء.
إلاّ أنها تعرضت للمناوأة من قبل الخصوم، بالنظر إلى بزوغ دوره كقوة إقليمية منافسة، ويضيق الخناق على فرنسا، ويقزم من دول دولتها الوظيفية المنطقة.
ورغم ترحيب دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا الـ”إيكواس”، بطلب انضمام المغرب للمجموعة؛ إلاّ أن بعضها تحفظت عن ذلك بضغط من الجزائر.
وقد أضحت المنطقة مهددة بمخاطر أمنية وسياسية، جراء صراع النفوذ بين القوى الكبرى؛ لتحقيق مكاسب سياسية والاقتصادية في المنطقة.
غير أن المغرب رغم التطورات، حافظ على مبادئ التي تسطر سياسته الخارجية، والتي تشمل حياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والمصالح المتبادلة، ورفض الجماعات المسلحة.
ومع تعقد الأوضاع، باتت مجموعة “الإيكواس” مهددة بالتفكك، بعد أن انسحبت كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
بينما بات الملاذ الوحيد والمستقبلي لتلك الدول، هو المغرب كشريك موثوق وذو مصداقية، من أجل مواجهة المصير المشترك بين بلدان المنطقة.
ويشمل المصير المشترك لتلك البلدان؛ الاستقرار السياسي والأمني، ومكافحة الإرهاب والجماعات المسلحة والانفصالية، إلى جانب تحقيق التنمية في المنطقة.
وفي هذا الإطار يندرج المشروع المغربي، حول ولوج دول الساحل الأفريقي، إلى الساحل الأطلسي المغربي، بعد أن ناشد الجزائر ودول “الإيكواس”، لأجل استشراف مستقبل المشترك في المنطقة.
غير أن تلك البلدان فضلت المزايدات السياسية الضيقة، وتجاهلت المخاطر المستقبلية، إلى أن تطورت الأوضاع في السنين الأخيرة، نحو المجهول، في ظل صراع النفوذ وتنامي الإرهاب والجماعات المسلحة.
الأمر الذي دفع كل من بوركينا فاسو، ومالي، والنيجر، وتشاد إلى الانخراط في دجنبر الماضي؛ في المبادرة التي أطلقها الملك خلال 2023، بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء.
وقد سبق للنظام المالي الصديق للنيجر، أن اتهم الجزائر خلال يناير الفارط بدعم الإرهاب، وهو التصريح الذي ينسجم مع وصف الجزائر بالدولة الوظيفية لفرنسا، وتواطؤ الفرنسيين مع الجماعات الإرهابية.
مما يؤكد أن حلول وفد دبلوماسي من دولة النيجر إلى المغرب، هو لجوء إلى ملاذ اَمن يلعب دور محوري في المنطقة؛ ضد التحركات الجزائرية لصالح فرنسا، عبر التدخل في شؤونها الداخلية للنيجر.