بعد تخفيف الحجر الصحي هل سيعفى بعض الوزارء ؟

د.ميلود بلقاضي

تؤكد مؤشرات عديدة ان الانشراح الذي يبدوه المغاربة اتجاه تخفيف رفع الحجر الصحي وانتظار رفع حالة الطوارئ يقابله قلق رهيب عند وزراء حكومة العثماني الذين منهم من سطع نجمه ومنهم من خفت نجمه قبل انتشار جائحة كورونا وأثناءها، بعد ان تحولت حكومة وزراء الكفاءات ‘الى حكومة وزراء ‘اللاكفاءات،‘.

الامر الذي جعل بعض الباحثين يضعون مجموعة سيناريوهات محتملة لنهاية مهام بعض وزراء حكومة العثماني قبل نهاية ولايتها لأسباب متعددة نذكر منها:

حكومة تائهة: يتبين يوميا بأن الحكومة الحالية لم تعد قادرة على مواكبة التطورات المتسارعة والأوضاع المعقدة التي يمر منها المغرب، خصوصا بعد اتساع دوائر البؤر الوبائية وتداعياتها الخطيرة على المستويات الصحية والاقتصادية والاجتماعية في ظل اختلاف الرؤى بين وزراء الحكومة لتدبير ملف جائحة كورونا، بعد رفض بعض الهيئات المهنية شروط السلطات التي وصفتها بالتعجيزية للعودة الى أنشطتها خصوصا ارباب الفنادق والحافلات والمقاهي والمطاعم وصالونات الحلاقة والوكالات السياحية، إضافة الى عدم توفر الحكومة لرؤيا استراتيجية واضحة ومنسجمة  لمغرب ما  بعد كورونا.

حكومة أزمات داخلية: من سوء تشكيل هذه الحكومة انها ولدت من رحم أزمة وما زالت تعيش على ايقاعها.

أزمة أصبحت الأغلبية الحكومية تصرفها امام الملأ، وبكيفية حادة أكثر كما حدث الاثنين الماضي بمجلس النواب بين برلماني من حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير من حزب البيجيدي حيث تبادلا التهم في ما بينهما زاد من اتساع المسافة بين الحزبين القويين داخل الحكومة، ومن المنتظر ان تزداد شراسة الصراع والضرب تحت الحزام بين الحزبين اثناء مناقشة مشروع قانون المالية المعدل ورفع الحجر الصحي ورفع حالة الطوارئ الصحية.

حكومة وزراء في الواجهة: عرفت حكومة العثماني منذ تعيينها عدة هزات وكوارث انطلاقا من الشهر الخامس كان بطلها اعبابية الوزير الذي أساء الى نفسه والى حزبه والى الحكومة حيث انه عمل الى الحاق الشلل الشامل لكل القطاعات الحكومية التي أسندت له بدون اي حق بعد ترك تدبيرها لمدير ديوانه المتقاعد ولمدير مركزي معروف بخبثه وبشجعه ونفاقه وضعفه المعرفي دفعا الوزير اتخاذ قرارات كارثية .كوارث الوزير الخطأ وفي السياق الخطأ  وفي القطاعات الحكومية الخطأ أدت الى اعفائه بالطريقة المعروفة.

بعد اعفاء اعبايبة عرفت الحكومة هزة أخرى تتمثل في تسريب مشروع القانون رقم 22/20الذي سبب ضجة مجتمعية تمت خلالها تبادل التهم بين وزراء الأغلبية الحكومية، وكاد هذا التسريب ان يعصف بوزير العدل ووزير الدولة وزير حقوق الانسان.

وبعد ضجة مشروع قانون ‘’ تكميم الافواه’’ في عز جائحة كورونا، عرفت الحكومة تصدعا كبيرا تمثل في تسريب المرسوم بقانون المتعلق برفع الحجر الصحي وتمديد حالة الطوارئ. تسريب أحرج كثيرا الحكومة وبرهن عن عدم انسجامها. وبعد ذلك جاءت المواجهة القوية بالبرلمان بين الفريق التجمعي وفريق البيجيدي اكدت بالواضح ان هناك حروبا صامتة تنخر التحالف الاغلبي. حروب من شأنها ان تبلقن الحكومة في أي لحظة لان ما أصبح يفرق أحزاب الأغلبية الحكومية أكثر مما يجمعهم.

وهكذا ففي الوقت الذي كان فيه رئيس الحكومة يعمل فيه على جمع شمل الاغلبية الحكومية قبل مناقشة مشروع قانون المالية المعدل عرفت الحكومة زلزالا سياسيا تمثل في قضية وزير الدولة ووزير حقوق الانسان وقضية وزير الشغل المنتمين لحزب رئيس الحكومة ,قضية وزير الدولة وزير حقوق الانسان اصبحت شبه دولية لبعدها الحقوقي مما جعل السلطات العليا كما رددت بعض المواقع تغضب على الرميد وتؤكد ان اعفاءه هو مسألة وقت ليس الا.

كل هذه الهزات التي عرفتها حكومة العثماني اضافة الى الحضور الباهت لجل وزرائها زمن جائحة كورونا دفعت بعض المهتمين يفكرون في عدة سيناريوهات ممكنة تهم مستقبل بعض وزراء حكومة العثماني منها:

السيناريو الاول هو امكانية اللجوء الى تأجيل الانتخابات وهو ما يعني عمليا القيام بتعديل حكومي جوهري يمس أهم الحقائب الوزارية مع الاحتفاظ بالعثماني رئيسا للحكومة، إلى حين إجراء الانتخابات التشريعية وتجاوز الازمة لكون الظروف السياسية والاجتماعية وخصوصا الاقتصادية غير مساعدة نظرا للتكلفة المالية واللوجستيكية الباهظة التي تطلبها الانتخابات لان المغرب ما بعد كورونا سيخرج منهكا اقتصاديا وماليا.

السيناريو الثاني يتعلق بتشكيل حكومة من نخب افرزتها جائحة كورونا من رجال أعمال واقتصاد وتكنوقراطيين قادرين على اخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية والاجتماعية الخانقة التي خلفتها الجائحة ولا يتعلق أن يكون الأمر هنا تشكيل حكومة تكنوقراطية أو حكومة وحدة أو إنقاذ وطنية، كما تم الترويج له مؤخرا، بل إن المقصود حكومة سياسية ذات هوية نخبوية، مع إمكانية تقليص عدد الحقائب الوزارية.

السيناريو الثالث فيروم القيام بتعديل شامل لكل الحقائب الوزارية بدون استثناء بما في ذلك مؤسسة رئاسة الحكومة وتعيين رئيس حكومة جديد قادر على تأمين تجاوز المغرب تداعيات جائحة كورونا.

مغرب النموذج التنموي الجديد. مغرب ما بعد كورونا الذي لا يمكن ان تشيده النخب والأحزاب والمؤسسات التنفيذية والتشريعية الحالية التي ابانت عن نهاية صلاحياتها لان هناك وضع سياسي مغربي جديد في اطار التشكل.