حزب العدالة والتنمية: أزمة قيادة ومستقبل غامض

مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمره الوطني في أبريل المقبل، يجد حزب العدالة والتنمية المغربي نفسه في مفترق طرق حاسم، يفرض عليه مواجهة تحديات تنظيمية وسياسية معقدة. فبعد نكسته في الانتخابات التشريعية لعام 2021، التي شهدت انهياراً غير مسبوق لشعبيته بعد ولايتين حكوميتين، يواجه الحزب أزمة هوية داخلية وصراعاً حول مستقبله القيادي.

 

تداعيات نكسة 2021 والتحديات الداخلية

 

كانت نتائج انتخابات 2021 بمثابة ضربة موجعة للحزب، حيث فقد موقعه الريادي في المشهد السياسي المغربي. هذه النكسة أدت إلى انقسامات داخلية حادة، أبرزها ابتعاد العديد من القيادات التاريخية عن المشهد السياسي، إما عبر تجميد العضوية أو التواري عن الأنظار. وقد أثار هذا الوضع تساؤلات جوهرية حول مدى قدرة الحزب على إعادة ترتيب صفوفه واستعادة قوته التنظيمية.

 

إشكالية القيادة: بنكيران والاستمرارية

 

يعتبر المؤتمر المقبل محطة حاسمة في تحديد مستقبل القيادة داخل الحزب. فرغم الحديث عن إمكانية انتخاب قيادة جديدة، لا تزال شخصية عبد الإله بنكيران تهيمن على المشهد الداخلي. ورغم الجدل الذي يرافق عودته إلى الواجهة، يبدو أن الحزب لم يتمكن بعد من بلورة بديل قيادي قادر على إحداث قطيعة مع إرث بنكيران السياسي.

 

هذا الوضع يطرح تحدياً مزدوجاً؛ فمن جهة، يجد الحزب نفسه أمام خيار إعادة انتخاب بنكيران رغم كل الانتقادات التي تطاله، ومن جهة أخرى، تبدو عملية البحث عن بديل قادر على قيادة الحزب نحو مرحلة جديدة غير محسومة، في ظل غياب شخصيات قيادية بارزة قادرة على منافسته.

 

البعد السياسي وإشكالية استعادة التأثير

 

بعيداً عن أزمة القيادة، يواجه الحزب سؤالاً أكثر عمقاً يتعلق بقدرته على استعادة تأثيره في المشهد السياسي المغربي. فعلى الرغم من بقائه فاعلاً في بعض الملفات من موقع المعارضة، إلا أن حضوره لم يعد بالقوة التي كان عليها قبل 2016. كما أن تراجع مكانته الانتخابية يعكس تحديات كبرى مرتبطة بتآكل قاعدته الشعبية، خاصة بعد القرارات التي اتخذها خلال فترة وجوده في الحكومة، والتي ساهمت في فقدانه شريحة واسعة من الناخبين.

 

المنظومة الانتخابية ومعيقات العودة

 

من الناحية الانتخابية، تبدو عودة الحزب إلى صدارة المشهد السياسي أمراً معقداً في ظل التغييرات التي طرأت على النظام الانتخابي. فإلى جانب ضعف الإمكانيات المالية التي يواجهها الحزب، تشكل القوانين الانتخابية عاملاً آخر يعزز من صعوبة منافسته على المراتب الأولى. أضف إلى ذلك أن إعادة بناء الحزب على المستوى المجالي لا تزال غير مكتملة، ما يجعل استعادة موقعه السابق تحدياً يتطلب جهوداً استثنائية.

يجد حزب العدالة والتنمية نفسه اليوم أمام معركة مصيرية تتعلق بإعادة بناء ذاته سياسياً وتنظيمياً. وبين خيار إعادة انتخاب بنكيران أو البحث عن قيادة جديدة، يظل الحزب مطالباً بصياغة رؤية واضحة لمستقبله، بعيداً عن الحسابات الضيقة التي قد تزيد من تعميق أزمته. كما أن استعادة ثقة الناخبين لن تكون ممكنة دون مراجعة جذرية لتجربته في السلطة، والبحث عن آليات جديدة تجعله أكثر قدرة على التكيف مع التحولات السياسية التي يشهدها المغرب.