الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة تمثل نقطة تحول حاسمة، وسط ظروف غير اعتيادية وتحديات كبيرة تواجه كلا الحزبين: الجمهوري والديمقراطي. يتصدر المشهد الحزبان الرئيسيان، حيث يمثل الحزب الديمقراطي نخبًا مثل أوباما، كلينتون، وبايدن، بينما يضم الحزب الجمهوري شخصيات مثل دونالد ترامب وميت رومني، مع اختلاف واضح في الرؤى والسياسات بين الطرفين.
التحديات التي تواجه الحزبين:
1.الحزب الديمقراطي:
- يواجه "جو بايدن" انتقادات متزايدة بسبب تقدمه في العمر وتراجع صحته، مما جعل العديد يشككون في قدرته على قيادة البلاد لولاية ثانية. هذا الضعف كان بمثابة ورقة رابحة للجمهوريين في السابق.
السياسات الليبرالية التي يتبناها الحزب، مثل دعم الهجرة، حقوق الإجهاض، وحماية الأقليات، قد جعلت الحزب مستقطبًا بشدة في مجتمع أمريكي منقسم بين مؤيد لهذه القضايا ومعارض لها، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وتضرر الطبقة الوسطى.
2. الحزب الجمهوري:
ترامب، الذي خسر أمام بايدن في الانتخابات السابقة، يحاول العودة بقوة إلى الساحة السياسية. لكن رئاسته السابقة حملت في طياتها العديد من الخلافات، من بينها العنف العرقي والتوترات الاجتماعية، وفشله في خلق فرص عمل كبيرة، مما أضعف قاعدته الانتخابية.
- على الرغم من محاولة اغتياله الأخيرة، والتي عززت شعبيته إلى حد ما، إلا أن إرثه السياسي قد يكون عائقًا أمام فوزه مرة أخرى. العديد من الأمريكيين، خصوصًا الأقليات، يرون في سياساته السابقة تقسيمًا للمجتمع وزيادة للكراهية.
لماذا قد تتفوق كامالا هاريس؟
كامالا هاريس, التي تستعد لخوض الانتخابات في ظل تراجع بايدن، تبدو في وضع أفضل بكثير. أولاً، صفحتها نظيفة نسبيًا مقارنة بترامب، حيث لم تتحمل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبها بايدن، مما يجعلها مرشحة أكثر قبولاً.
- هاريس استفادت من دعم واسع، سواء من النخب الديمقراطية أو من الفئات الشابة والأقليات. كما أنها جمعت تبرعات ضخمة في فترة قصيرة، مما يمنحها قوة مالية لدعم حملتها بشكل فعال.
- تعتمد هاريس على أجندة حقوقية تتعلق بحقوق المرأة، الإجهاض، والهجرة، وهي قضايا تحظى بدعم قوي من فئات واسعة من المجتمع الأمريكي، بما في ذلك النساء والشباب. كما أن استراتيجيتها السياسية تعتمد على استقطاب هذه الفئات من خلال خطابها الحازم ووجودها البارز في الإعلام.
الأجندة الجمهورية وتأثيرها على فرص ترامب:
- أجندة 2025 التي يروج لها الحزب الجمهوري، بقيادة ترامب، تثير الكثير من الجدل. فهي تسعى إلى إعادة هيكلة الحكومة بشكل جذري، بما في ذلك تفكيك وزارة التعليم، تخفيض الضرائب على الأغنياء، وفرض ضرائب على الطبقة الوسطى. هذه الأجندة قد تكون سيفًا ذا حدين؛ فهي قد تجذب الطبقات الغنية والمحافظة، لكنها تثير مخاوف الطبقة الوسطى والفئات الأقل دخلًا.
- ترامب يواجه معارضة داخلية حتى من بعض الجمهوريين، بسبب هذه الأجندة المثيرة للجدل. كما أن اختياره لنائب الرئيس في حملته، والذي يُتهم بتبني أفكار متطرفة، قد يزيد من نفور الناخبين المعتدلين.
التوقعات:
- بينما كان الكثيرون يتوقعون فوز ترامب، يبدو أن الأوضاع بدأت تتغير لصالح الحزب الديمقراطي بفضل "ديناميكية حملة هاريس". تراجع بايدن عن الترشح أعطى دفعة قوية للحزب، الذي كان يعاني من ورقة السن والصحة.
- في ظل هذا السياق، تبدو "فرص هاريس" مرتفعة للغاية. قدرتها على استقطاب فئات جديدة من الناخبين، وتجديد الحيوية داخل الحزب الديمقراطي، تجعل احتمالية فوزها كبيرة.
- رغم أن ترامب لا يزال يتمتع بشعبية بين مؤيديه، فإن التغيرات الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى الأجندة الجمهورية المثيرة للجدل، قد تحد من فرصه في الفوز.
الخلاصة:
التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها الولايات المتحدة تجعل هذه الانتخابات مختلفة تمامًا. هاريس لديها فرصة قوية للفوز إذا استمرت الظروف الحالية على حالها، خاصة مع الدعم المتزايد من الأقليات والنساء. بالمقابل، ترامب يواجه عقبات داخلية وخارجية، وقد يكون عليه تغيير استراتيجيته بشكل جذري إذا أراد العودة إلى البيت الأبيض.