في إطار تخليد اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، أصدرت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذراع الحقوقي لحزب الاستقلال، بيانا حذرت فيه من استمرار هذه الجريمة البشعة في عدد من مناطق النزاع عبر العالم، معتبرة إياها من أخطر الانتهاكات التي تمس الحق في الحياة والحرية والكرامة الإنسانية.
وأوضح البيان أن العصبة، وهي تتابع عن كثب التطورات الحقوقية وطنيا ودوليا، تنضم إلى الأصوات المدافعة عن حقوق الإنسان عبر العالم، مبرزة أن الاختفاء القسري مازال يمارس بشكل ممنهج في عدد من بؤر التوتر، في سياقات سياسية أو أمنية، بهدف إسكات المعارضين وتكميم حرية التعبير.
وأكدت في هذا الصدد أن الوضع بفلسطين وغزة يعكس حجم الكارثة، حيث تجاوز عدد الضحايا وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أكثر من 11 ألف مختفٍ قسراً حتى يوليوز 2025، بينهم 4700 امرأة وطفل، بينما أوضح المكتب الإعلامي لحكومة غزة أن 14,222 فلسطينياً مازالوا مفقودين أو تحت الأنقاض إلى حدود فبراير من السنة نفسها، بسبب ما وصفه البيان بـ”سياسة الاختفاء القسري التي تنتهجها إسرائيل في سياق إبادة جماعية ممنهجة”.
وشددت العصبة على أن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، وتبقى من أبرز القضايا التي تؤرق الضمير العالمي وتستدعي الترافع الدولي، مشيرة إلى أن هذه المناسبة الأممية تمثل محطة سنوية لإعادة الاعتبار إلى الضحايا وجبر ضررهم ومحاسبة المتورطين.
وعلى المستوى الوطني، لفت البيان إلى أن المغرب حقق تقدما ملحوظا في مسار العدالة الانتقالية ومعالجة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، لكنه لا يزال مطالباً باستكمال خطوات أساسية في هذا المسار.
وأعادت العصبة التذكير بتوصيات تقريرها حول الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2021، معتبرة أن “الذاكرة الحقوقية المغربية مازالت تحمل جراح سنوات الرصاص التي شهدت حالات اختفاء قسري، مما يستوجب تعزيز ضمانات جبر الضرر الفردي والجماعي وحفظ الذاكرة وضمان عدم التكرار”.
وسجل البيان مجموعة من المطالب، أبرزها تذكير الدولة المغربية بالتزاماتها الدولية بعد المصادقة على الاتفاقية الأممية الخاصة بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، والدعوة إلى تعزيز استقلالية القضاء وضمان فعاليته في التحقيق في هذه القضايا، إلى جانب التسريع بإخراج القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية في صياغة تحترم المعايير الدولية، وتجريم الاختفاء القسري بشكل صريح. كما نبهت العصبة إلى استمرار بعض الممارسات التي تلامس شبهة الاختفاء، مثل عدم إخبار العائلات بمكان احتجاز بعض المعتقلين أو نقلهم إلى أماكن غير معلومة.
ودعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان المجتمع المدني إلى مواصلة رفع الوعي بخطورة هذه الجريمة، وربط الماضي بالحاضر لبناء مغرب ديمقراطي يقطع نهائياً مع الانتهاكات الجسيمة، مؤكدة أن الحق في معرفة الحقيقة هو حق أصيل للضحايا وأسرهم.
كما جددت دعوتها إلى وضع سياسات عمومية دامجة لحقوق الإنسان، وتعزيز التعاون مع الآليات الأممية المختصة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان في أجهزة الدولة ومؤسساتها، وضمان الحق في الذاكرة وحفظ الأرشيف المرتبط بسنوات الانتهاكات.
وختمت العصبة بيانها بالتشديد على أن معركة مناهضة الاختفاء القسري هي جزء لا يتجزأ من النضال من أجل ترسيخ دولة الحق والقانون، معتبرة أن إحياء هذا اليوم الأممي يجب أن يكون محطة لتعزيز ثقافة الذاكرة والاعتراف، والتجديد على أن “حقوق الإنسان كل لا يتجزأ، والذاكرة الجماعية ضمانة للمستقبل”.