عاد ملف الحدود المزعومة بين المغرب والمدينتين المحتلتين سبتة ومليلية إلى واجهة الجدل السياسي في إسبانيا، وهذه المرة من بوابة أنظمة المراقبة، حيث شنّ الحزب الشعبي اليميني المعارض هجومًا لاذعًا على حكومة بيدرو سانشيز، متهمًا إياها بـ“تعريض الأمن القومي للخطر” بعد التعاقد مع شركة التكنولوجيا الصينية Hikvision لتشغيل منظومة الرصد على تلك الحدود.
وقد وصفت “الـ PP” هذا التحرك بأنه “عدم مسؤولية لا يُحتمل” واتهمت الحكومة بأنها “تُفرط في أمن الدولة” عبر توظيف تكنولوجيا خاضعة للحظر في عدة دول غربية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا، معتبرة أن إسبانيا باتت “الاستثناء المؤسف” بين الحلفاء الأوروبيين.
ومن جانب آخر، أفادت صحيفة “El Español” بأن وزارة الداخلية الإسبانية أعادت في عام 2021 استبدال الكاميرات القديمة من طراز Pelco بـأنظمة مراقبة من Hikvision بميزات مثل الدوران 360 درجة، وذلك في ذروة التحركات الأمنية عقب مأساة مليلية التي أودت بحياة عشرات المهاجرين قرب السياج الحدودي.
في هذا السياق، ربط نواب من حزب “فوكس” اليميني المتطرف هذا الموضوع بالسياسات الأمنية الأوروبية، عبر توجيه أسئلة إلى البرلمان الأوروبي حول مدى توافق مثل هذه العقود مع المعايير الأمنية للقارة.
وحسب المصادر ذاتها،الأمر كله يكتسب أبعادًا إضافية حين يُفترض ضمن المناقشة أن هذه المدن تُدار من قبل مدريد على أراضٍ ما تزال تُعتبر محتلة من طرف المغرب، وهي ضفّة تُستأثر فيها برشلونة باتخاذ القرار، دون اعتبار للوضع السياسي والتاريخي الذي يربط الرباط بهما. هذه المواقف لا تُخدم إلا استمرار عقلية إدارة الأزمة، بعيدًا عن الوصول إلى حلول واقعية ومتوازنة في إطار العلاقات الثنائية.
ويرى مراقبون أنّ الخطاب السياسي الإسباني الذي يُحمّل المغرب – بطرق التوظيف الإيديولوجي – مسؤوليات لا يخوض فيها فعليًا، لا يُخفي إلا رغبة في تحويل الأنظار عن المكاسب الاستراتيجية والتعاونية التي جنتها الرباط ومدريد من شراكتهما الأمنية. فالتنسيق بين البلدين بلغ مستويات غير مسبوقة، وبخاصة في مكافحة الإرهاب وشبكات الهجرة غير النظامية، ما يظهر أن هذه الحملات الإعلامية والسياسية ما هي إلا محاولات تصييد داخلي لصرف الانتباه عن الثمار الميدانية الواضحة للعلاقات الثنائية.