هل يهدد الذكاء الاصطناعي فرص الشغل بالمغرب؟

في وقت لم تعد فيه التقنيات الحديثة رفاهية بل ضرورة، يفرض الذكاء الاصطناعي نفسه كلاعب رئيسي في تشكيل المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للدول. والمغرب، الذي يسابق الزمن لمواكبة هذا التحول، يقف اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يحوّل هذه الثورة التكنولوجية إلى فرصة تنمية، أو يتركها تتحول إلى تهديد لسوق الشغل، خاصة بالنسبة للشباب.

وفي حديثه لـ”بلبريس”، أوضح الخبير الأمن السيبراني حسن خرجوج أن “الذكاء الاصطناعي هو قدرة البرمجيات على تنفيذ مهام تتطلب ذكاء بشري، مثل التعلم واتخاذ القرارات”، مشيراً إلى أن المغرب بدأ يشهد تطبيقات عملية لهذه التكنولوجيا في الصحة، والإدارة، والأمن السيبراني، والخدمات البنكية، والتعليم. لكنه في المقابل يرى أن نجاح هذا التوجه يتطلب مهارات متقدمة واستثمارات أكبر في البنية الرقمية.

قطاعات على موعد مع التغيير

ووفق خرجوج، فإن الذكاء الاصطناعي سيحدث تحولات جذرية في عدة مجالات. ففي القطاع المالي، سيساهم في تحليل المخاطر ومنح القروض بدقة أكبر، بينما ستنتقل الصناعة إلى خطوط إنتاج ذكية وصيانة تنبؤية. أما الصحة الإلكترونية فستستفيد من أنظمة تشخيص مدعومة بالخوارزميات وخدمات الرعاية عن بعد. وفي النقل واللوجستيك، ستعمل خوارزميات متطورة على تحسين المسارات وخفض التكاليف، فيما ستستفيد الفلاحة من الطائرات المسيّرة وتقنيات تحليل الصور لمراقبة المحاصيل وتحسين الإنتاج.

فرص جديدة ومهن مهددة

ويؤكد الخبير أن هذه الطفرة ستخلق وظائف في مجالات تحليل البيانات، تطوير البرمجيات، والأمن السيبراني، لكنها قد تهدد مهن تعتمد على المهام الروتينية، مثل خدمة الزبناء وإدخال البيانات وبعض الوظائف الإدارية.

واعتبر خرجوج في حديه للجريدة، أن “الحل يكمن في إعادة تأهيل اليد العاملة وتوجيهها نحو المهن ذات القيمة المضافة العالية”.

خارطة طريق للشباب المغربي

ولتجنب الإقصاء من سوق الشغل الجديد، ينصح خرجوج الشباب بالتركيز على مهارات علم البيانات، التعلم الآلي، الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، والحصول على شهادات مهنية دولية مثل AWS Certified وGoogle Cloud Professional.

كما دعا الخبر الشياب إلى  “المشاركة في مشاريع مفتوحة المصدر، وحضور الهاكاثونات، وتبني منهجيات العمل الحديثة كـAgile وDevSecOps.

إطار قانوني وأخلاقي
وأكد الخبير في الامن السيبراني، حسن خرجوج، على “ضرورة سن قوانين لحماية المعطيات الشخصية، ووضع معايير تقنية موحدة، وضمان الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن “من يواكب هذه الثورة سيكون في موقع الريادة، بينما سيجد المتأخرون أنفسهم خارج السباق”.

وبناء على ما سبق، يبدو أن المغرب يقف اليوم أمام فرصة تاريخية لتحديد مكانته في خريطة الابتكار العالمي، فإذا تمكن من دمج الذكاء الاصطناعي في خططه التنموية بشكل مدروس، مع الاستثمار في الإنسان قبل الآلة، فسيكون قادراً على خلق اقتصاد أكثر تنافسية وشمولية، أما إذا ظل التحول محصوراً في الخطابات دون تطبيق عملي وإصلاحات هيكلية، فقد تتحول هذه الثورة إلى فجوة رقمية تعمّق البطالة وتزيد من عدم المساواة.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *