شبكة غسل أموال بالمليارات تهز القطاع البنكي: شركات وهمية وعمليات تجارية مزيفة تحت مجهر التحقيق

كشفت مصادر مطلعة أن شكوكاً قوية حول عمليات تحويل مالي مشبوهة بين مجموعة من الشركات دفعت مسؤولين في مجموعتين بنكيتين إلى دق ناقوس الخطر، بعد رصد تحويلات متكررة تفتقر لأي أساس تجاري واضح أو علاقات عمل بين الأطراف المعنية.

 

وبحسب نفس المصادر، فإن تنسيقاً بين المسؤولين البنكيين أفضى إلى الاشتباه في مصادر هذه الأموال، ليقرّر الطرفان إبلاغ المصالح المركزية لمؤسستيهما، التي تولّت بدورها إشعار الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، قصد فتح تحقيق معمق في هذه المعاملات المالية.

 

التحريات الأولية أظهرت وجود مبالغ مالية ضخمة، تقدّر بالمليارات، تمر عبر حسابات الشركات دون أي روابط منطقية تجمع بينها، ما رجّح فرضية تورّط هذه الأخيرة في أنشطة غير مشروعة، يُحتمل أن يكون على رأسها غسل الأموال.

 

العمليات المشبوهة اتخذت طابعاً تجارياً وهمياً، من خلال صفقات افتراضية مع شركاء بالخارج يتم تنفيذها بموجب المساطر القانونية للصرف والجمارك، ما يضفي طابعاً قانونياً على التحويلات المالية التي يتم تلقيها على أنها مقابل صادرات، رغم غياب أي نشاط فعلي.

 

وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن الشركات المعنية لا تتعدى كونها "واجهات تجارية"، تستغل لإدماج أموال ناتجة عن أنشطة إجرامية، خاصة تجارة المخدرات، ضمن الدورة الاقتصادية، عبر تضخيم أرباحها المصنّعة وتقديمها بشكل قانوني في التصريحات الضريبية.

 

المصادر نفسها أوضحت أن التحقيقات شملت شبكة تضم عشر شركات، جميعها مملوكة لشخصين فقط، وتتعامل مع عشرات المقاولات في دول أوروبية، وسط شبهات قوية بأن تلك المعاملات مجرد غطاء لتحويل أموال مشبوهة.

 

وتخضع هذه الشركات حالياً لتحقيقات دقيقة من طرف الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، التي تعمل بتنسيق مع المديرية العامة للضرائب، للتحقق من حقيقة المعاملات المصرّح بها، ومطابقتها مع سجلات الجمارك والفواتير المصرّح بها.

 

وتستفيد الهيئة من التبادل التلقائي للمعطيات المالية الدولية، ما يسمح لها بتعقب كل خيوط الشبكة، وسط توقعات بأن تكون هذه العمليات جزءاً من خطة ممنهجة لغسل عائدات المخدرات عبر تضخيم الفواتير وتحقيق أرباح شرعية ظاهرياً.

 

وتُعد المديرية العامة للضرائب واحدة من الهيئات الملتزمة قانوناً بالتبليغ عن أي شبهة غسل أموال، وهي الآن تعمل إلى جانب مؤسسات أخرى على تتبع الحسابات والتحقق من صدقية المعاملات والتصريحات، في إطار تحقيق واسع يُتوقّع أن يكشف مزيداً من المتورطين.