هروب نوعي يهز البوليساريو: 3 مسلحين يصلون المغرب ويروون تفاصيل الانشقاق والتذمر بالمخيمات

لا حديث يعلو في مخيمات تندوف خلال هذه الفترة فوق أصداء عملية الهروب النوعية التي نفذها ثلاثة عناصر من ميليشيات البوليساريو، والذين نجحوا في الوصول إلى الأراضي المغربية، مما أثار قلقاً وارتباكاً في صفوف قيادة الجبهة الانفصالية وكشف حجم التذمر المتزايد في صفوف مجنديها.

وكشفت مصادر بلبريس أن المنشقين الثلاثة، تمكنوا في عملية وُصفت بالدقيقة والمحكمة، من عبور مناطق صحراوية شاسعة وصعبة، متجاوزين نقاط المراقبة المفترضة، قبل أن يصلوا بسلام إلى منطقة أم ادريگة الواقعة بالقرب من المنطقة العازلة.

وقد وصلوا وهم لا يزالون يرتدون الزي العسكري الرسمي لميليشيات البوليساريو، في خطوة رمزية، لكنهم كانوا يرفعون شارة السلام البيضاء، معلنين عن نواياهم السلمية ورغبتهم في طي صفحة الماضي.

وتشير المعلومات، استناداً إلى مصادر منتدى فورساتين، إلى أن هذه العملية لم تكن وليدة اللحظة أو قراراً عفوياً، بل كانت نتيجة تخطيط استمر مدة، حيث كان العناصر الثلاثة ينتظرون بصبر الوقت والظرف المناسبين لتنفيذ خطتهم المحفوفة بالمخاطر. وللحفاظ على سرية العملية وضمان نجاحها، لم يقم سوى شخص واحد منهم بإبلاغ فرد واحد فقط من عائلته بقراره المصيري بالفرار من جحيم المخيمات وإعلان انشقاقه رسمياً عن جبهة البوليساريو ومشروعها الانفصالي.

وتعتبر هذه العملية النوعية، التي نفذها مجندون لا يزالون ضمن صفوف الميليشيات، بمثابة إعلان صارخ ودليل ملموس على حالة التذمر العميق والإحباط التي تسود أوساط عناصر البوليساريو. كما أنها تفند بشكل قاطع مزاعم الجبهة المستمرة حول حربها الوهمية المزعومة، وتكذب بالدليل القاطع الترهات والأكاذيب التي تروج لها بلاغاتها "العسكرية" اليومية، والتي لا تمت للواقع بصلة وتفتقر لأي مصداقية على الأرض.

وتكشف مصادر بلبريس ، أن هؤلاء أكدوا بعد وصولهم أنهم كانوا على تواصل مستمر مع المئات من المجندين الآخرين داخل المخيمات، والذين يعيشون نفس ظروف القهر ويشاركونهم نفس الرغبة في الانعتاق، وهم مستعدون لتنفيذ هروب جماعي مماثل متى ما سنحت لهم الفرصة المؤاتية لذلك.

ويقدم هذا المعطى دليلاً إضافياً وواضحاً على مدى هشاشة البنية العسكرية للبوليساريو وتآكلها من الداخل، حيث تعتمد بشكل كبير على المئات من الشباب والرجال الذين لا يربطهم بالمشروع الانفصالي أي قناعة حقيقية، بل تدفعهم إليه ظروف القهر والاحتجاز والخوف المستمر من بطش القيادة والجزائر الداعمة لها، بالإضافة إلى الخوف على مصير أهاليهم المحتجزين في المخيمات.

وفي الوقت الذي ترزح فيه أجسادهم تحت سلطة البوليساريو، فإن قلوب هؤلاء المجندين، كما يؤكد المنشقون، تظل تواقة إلى الانعتاق والحرية، وتحلم بالعودة الآمنة والسلمية إلى أرض الوطن الأم، المغرب. ولعل في هروب هؤلاء المسلحين وانشقاقهم في عز ما تسميه قيادة البوليساريو "حرباً مفتوحة"، دلالة قوية تحيلنا إلى الطبيعة الحقيقية للمناصرين المتبقين للجبهة وحجمهم الفعلي، والذي لا يتجاوز على الأرجح أعداداً محدودة ومستفيدة من الوضع القائم، بينما الغالبية العظمى من المحتجزين تنتظر فرصة الخلاص.