أصدر المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اليوم الأربعاء، بيانًا مطوّلًا تناول فيه مستجدات القضية الفلسطينية، وذلك بعد اجتماع عقده يوم السبت الماضي، في ظل استمرار النقاش حول التصريحات الإعلامية الأخيرة للكاتب الأول للحزب، إدريس لشكر، والتي أثارت موجة من الجدل داخل وخارج الساحة السياسية.
في مستهل بيانه الذي اطلعت بلبريس على نسخة منه، ذكّر الحزب بمواقفه "المبدئية والثابتة" تجاه القضية الفلسطينية، مؤكداً على عمق التزامه التاريخي بها، وواصفاً إياها بأنها "قضية وطنية، تقدمية، وإنسانية نبيلة"، لطالما شكلت جزءاً من مرجعية الحزب السياسية والنضالية منذ تأسيسه. وأضاف البيان أن قيادة الحزب ستواصل الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في كافة المحافل الإقليمية والدولية، معتبرة أن ذلك "من صميم المسؤولية الأخلاقية والسياسية للاتحاد الاشتراكي".
وجاء في البيان أن الحزب "يؤكد تضامنه الكامل مع صمود الشعب الفلسطيني في وجه آلة القتل والدمار التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من قتل وتهجير وتشريد، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمشردين". كما ندد بما وصفه بـ"الغطرسة اليمينية الفاشية التي تسعى إلى وأد كل فرص السلام في فلسطين والمنطقة".
ودعا الحزب، في السياق ذاته، المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني، مطالباً بضرورة العودة إلى مسار الحل السياسي القائم على مبدأ الدولتين، كمدخل أساسي لتحقيق السلام العادل والدائم.
التصريحات المثيرة للجدل... وردود داخلية
ورغم التلميحات الواضحة في البيان، نفى مصدر من داخل المكتب السياسي للحزب أن يكون الهدف منه تصحيح مسار أو الرد على التصريحات الأخيرة لإدريس لشكر. وقال المصدر، إن "البيان لا يُعد بأي شكل توضيحاً أو تراجعاً عن موقف لشكر"، مؤكداً أن "قيادة الحزب بكامل أعضائها تدعم مضمون تصريحاته السابقة".
وأوضح المصدر أن ما جاء في البيان يعكس المرحلة التي تلت أحداث السابع من أكتوبر، والتي شهدت دماراً واسعاً في قطاع غزة وأوضاعاً مأساوية للفلسطينيين، وهي ما وصفه لشكر بـ"النكسة"، التي رأى أنها نتيجة لـ"تصرف حركة حماس بشكل انفرادي، دون الرجوع إلى باقي مكونات الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير، الإطار الشرعي والوحيد".
وأضاف أن تصريحات لشكر حول ضرورة تقديم حركة حماس لاعتذار عن أحداث 7 أكتوبر تحظى بدعم واسع داخل المكتب السياسي، معتبراً أن الموقف لا يعني التراجع عن الالتزام بالقضية الفلسطينية، بل هو تعبير عن رؤية نقدية تنبع من موقف "حريص على وحدة القرار الفلسطيني وشرعية تمثيله".
الاتحاد الاشتراكي وموقعه في دعم فلسطين
وأكد المصدر نفسه للحزب في ذات السياق أن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يعتبر جزءاً أصيلاً من الحركات السياسية والمدنية المدافعة عن القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الحزب يعتمد في مواقفه على "منظوره التقدمي الخاص"، الذي يختلف عن "الرؤى الظرفية والتيارات الطارئة" التي برزت على الساحة الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة.
ويُشار إلى أن إدريس لشكر كان قد أثار جدلاً واسعاً حين وصف هجمات السابع من أكتوبر بـ"النكسة"، محملاً حركة حماس مسؤولية التصعيد، بالنظر إلى اتخاذها القرار بشكل منفرد ومن دون تنسيق مع السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير.
وتظل تداعيات هذه التصريحات مفتوحة على نقاش أوسع، سواء داخل المشهد السياسي المغربي أو ضمن الأوساط المتضامنة مع القضية الفلسطينية، في وقت يعيش فيه الإقليم لحظة حساسة تفرض إعادة ترتيب المواقف والعلاقات في ضوء التحولات الجارية.