تصعيد غير مسبوق بين “العدل والإحسان” و”التوحيد والإصلاح”.. صراع على الشرعية أم أزمة عابرة؟

بعد عقود من التباين الفكري والسياسي بين جماعة العدل والإحسان وحركة التوحيد والإصلاح، يبدو أن التوتر بين الطرفين آخذ في التصاعد، خاصة في سياق التضامن مع غزة، حيث فجّر تضارب المواقف بشأن مسيرة دعم فلسطين بطنجة خلافًا حادًا بينهما.

 

موقف حاد من “العدل والإحسان”

 

في خطوة غير مسبوقة، أصدرت الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع بطنجة، التي تقودها العدل والإحسان، بيانًا شديد اللهجة ضد المبادرة المغربية للدعم والنصرة، المرتبطة بحركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية. وانتقد البيان دعوة المبادرة لسكان طنجة للمشاركة في مسيرة نظمتها الجبهة يوم 29 مارس، معتبرًا أن الجهة الداعية “مسؤولة عن توقيع اتفاقيات التطبيع” مع إسرائيل.

 

وأعلنت الجبهة رفضها القاطع لمشاركة أي جهة تطبيعية في مسيراتها، مؤكدة أن ذكر اسمها في دعوة المبادرة المغربية محاولة لتضليل الرأي العام. كما شددت على التزامها بوحدة مكوناتها في دعم القضية الفلسطينية، ورفضها القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع.

 

احتدام الخلاف بين الإسلاميين

 

رد فعل العدل والإحسان أثار غضب أنصار التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية، الذين اعتبروا هذا الموقف استمرارًا لسياسات الجماعة الإقصائية. وعبر أعضاء من الحزب والحركة عن استيائهم من هذه الخطوة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن مدينة طنجة لم تتخلف عن دعم غزة منذ بداية الحرب.

 

خلاف تاريخي يتجدد

 

يرى مراقبون أن الخلاف بين الطرفين ليس جديدًا، بل بدأ بالظهور منذ تولي العدالة والتنمية رئاسة الحكومة، حيث اعتبرت العدل والإحسان أن الحزب لن يتمكن من تنفيذ توجهاته، بل سيكرّس الوضع القائم. وتفاقم الخلاف بعد توقيع رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، حيث اعتبرت الجماعة أن ذلك أفقد الحزب الشرعية للاحتجاج ضد الاحتلال.

 

وأشار مراقبون إلى أن الجماعة تستغل هذا الموقف لتأكيد استقلاليتها، بينما يرى حزب العدالة والتنمية أن له الحق في قيادة مثل هذه المبادرات رغم مواقفه السابقة.

 

البعد السياسي للخلاف

 

يرى مراقبون أن الخلاف بين التنظيمين لا يقتصر على قضية فلسطين، بل يمتد إلى التنافس السياسي، خاصة مع اقتراب الانتخابات. فالجماعة تحاول الحفاظ على صورتها النقية من أي تحالفات حكومية، فيما يسعى العدالة والتنمية لاستعادة شعبيته عبر القضايا الوطنية الكبرى.

 

احتمالات التصعيد

 

بحسب مراقبين، فإن هذا التصعيد يعكس تنافسًا على الشرعية السياسية، حيث تسعى العدل والإحسان لترسيخ موقفها كقوة معارضة، بينما يحاول العدالة والتنمية استعادة موقعه السياسي. ويضيفون أن الخلاف ليس جديدًا، بل يرتبط باختلاف الرؤى حول العمل السياسي والتربوي، رغم اتفاق الطرفين على المرجعية الإسلامية.

 

في ظل هذه التوترات، يبقى السؤال مفتوحًا حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، وهل سيؤدي هذا الخلاف إلى قطيعة نهائية أم أن المصالح المشتركة قد تعيد التوازن بينهما؟

 

 

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *