جنرالات المرادية ماضون في تنحيته..غالي يحمل الجزائر هزيمة “بوليساريو”!

مع توالي الضغط الداخلي على قيادة “بوليساريو”، واستمرار نزيف قياداتها العسكرية تحت ضربات المسيرات المغربية، تحولت اجتماعات أمانتها الوطنية إلى محطات محاكمة حقيقية لإبراهيم غالي، الذي أفقد “بوليساريو” أهم مكتسباتها، بعد خرقه لاتفاقية وقف إطلاق النار، إذ انتهت، جراء تهوره، أسطورة الأراضي المحررة، التي كانت تشكل إحدى أهم أركان دعايته لدى الحلفاء وحملاته التخديرية بالمخيمات من خلال تنظيم مؤتمرات “بوليساريو”، وتجمهراته واستعراضاته العسكرية بالمنطقة العازلة بكل أمان، نظرا لالتزام المغرب باتفاقية وقف إطلاق النار، وكذلك ترتيب زيارات للصحافة الأجنبية ولوفود أجنبية لاستدراجها لما يسمى تمويل المشاريع التنموية بالمناطق المحررة من أجل تمكين القيادة من السطو على مزيد من الأموال باسم محتجزي تندوف.

وقد أدت السيطرة الجوية للقوات المغربية على هذا المجال، وتحويله لمصيدة لكل من يتجرأ على الاقتراب منه إلى سخط عارم داخل المخيمات، حيث أصبح السكان الذين تشبه وضعيتهم وضعية فلسطينيي غزة، ينتقدون، بشكل عنيف، قيادة “بوليساريو”، ويتهمونها بالانجرار لخدمة الأجندة الجزائرية، كما حصل في “الكركرات”، دون أن تأخذ بعين الاعتبار انعكاسات ذلك على صحراويي المخيمات.

هذه الوضعية ألقت بظلالها على اجتماع أمانة “بوليساريو” الأخير، حين لم يجد غويلي بدا من مصارحة أصدقائه بخطورة الموقف، بل وحاول أن يبرئ نفسه من هذه الوضعية، وعاد ليؤكد بأن تصريحاته إبان المؤتمر الأخير بقرب امتلاك “بوليساريو” لمسيرات حربية، لم تكن إلا مجرد دعاية، مستدلا بإرسال مجموعتين من ميليشياته، بداية 2023، إلى قواعد شمال الجزائر للتدريب على استعمال المسيرات. وبلغ الحرج بغويلي درجة أنه اضطر ليطلب من عضو الأمانة مربيه المامي الداي، الحاضر في الاجتماع، ليؤكد كلامه بالنظر لأن أحد أقربائه، الكنتي المامي الداي، كان أحد مؤطري المجموعتين اللتين أنهتا تدريباتهما، وهما في انتظار ما سيأتي من تطورات.

إبراهيم غالي، الذي كرر عدة مرات بأن مقاتلي حركة حماس الفلسطينية ليسوا أكثر شجاعة أو تدريبا من عناصر “بوليساريو”، الذين يوجد من بينهم خريجو كليات حربية جزائرية، وشاركوا في عدة مناورات للجيش الجزائري، ولكن عناصر حماس يتمتعون بهامش حرية أكثر في التعامل الميداني مع القوات الإسرائيلية. كما أضاف بأن المشكل ليس في امتلاك “الدرون”، بل في السماح باستعماله من قبل الحليف الجزائري، مؤكدا أنه بمجرد اقتناع الجيش الجزائري بالسماح بذلك، فإنه سيزود “بوليساريو” بالمسيرات كما يزودها بالأسلحة الأخرى، مشيرا إلى أنها ستكون غالبا “درونات” مصنوعة في دول أوربا الشرقية، لأن الجزائر لن تسقط في فخ الدعاية المغربية بتسليم الجبهة أسلحة إيرانية، لأن ذلك سيبرر وجود القواعد الإسرائيلية على حدودها مع المغرب، وسيحشرها رسميا ضمن المحور الإيراني، وهي العضو غير الدائم بمجلس الأمن. كما أضاف بأن النظام الجزائري المعروف بكرهه للأنظمة الإسلامية لن يسمح أبدا بأي دور لإيران وحلفائها فوق أي شبر من ترابه، خصوصا أن التجربة أكدت أن دخول إيران أي منطقة يؤدي مباشرة إلى فقدان الدولة المضيفة للسيادة عليها كما هو الحال في العراق واليمن وسوريا ولبنان.

ويعتبر المتتبعون بالمخيمات مواجهة إبراهيم غالي لأصحابه بالأمر الواقع، وإلقاء اللوم على الجزائريين في ما يخص حالة الموت البطيء التي تعيشها مليشياته، يأتي بعدما استشعر أن جنرالات المرادية ماضون قدما في تنحيته من زعامة “بوليساريو” وإنتاج نسخة هجينة منها، يسيرها مكون رقيبات الشرق والمتحدرون من موريتانيا، بعدما ضاق الأفق أمام حلم الاستقلال في ظل النجاحات المغربية، الدبلوماسية منها والعسكرية، وكذلك انتشار الوعي بين سكان المخيمات باستغلالها من قبل الجزائر، والاتجار بمآسيها في مآرب لا تخصها، ما جعل مسألة استئصال المتحدرين من الإقليم المتنازع عليه أولوية قصوى لعسكر الجزائر، وذلك منذ تصريحات القيادي مصطفى سيد البشير خلال اجتماعه بجالية “بوليساريو” بباريس، أواخر 2021، والتي أعلن فيها صراحة عدم رضاه عن انغماس الجبهة في أحضان المخابرات الجزائرية، مؤكدا أن “المغرب أقرب إلينا من أي دولة في الجوار، وأن الدولة الصحراوية مجرد هراء، وأن إبراهيم غالي، الذي ينعت بالرئيس ما هو في الحقيقة إلا لاجئ عند الدولة الجزائرية”.