الوزيرة حيار في الواجهة من اجل دعم وتمكين الأسر المغربية في مواجهة التحديات الراهنة
سلطت وزير التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة عواطف حيار الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه الأسر المغربية اليوم، نتيجة التحولات المتسارعة التي يشهدها المجتمع المغربي في بنياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والقيمية، وهو ما فرض تحديات في مجال تدبير الحياة الأسرية والخاصة.
وفي كلمة لحيار في حلقة نقاش حول موضوع " القيم والمجتمع: الحرية المسؤولة" المنظمة من طرف جمعية حماية الأسرة المغربية، أبرزت أن هذا التأثير يتجلى على تقلص مظاهر التضامن التي كانت تعزز تماسك الأسرة سابقا، خصوصا أمام انعكاسات التحول الديمغرافي التي أفضت إلى ارتفاع في وتيرة التشيخ وتقلص عدد الأبناء في الأسر وما أعقبه من إشكاليات كبيرة في مجال الرعاية الأسرية لفاقدي الاستقلالية والطفولة الصغرى والأشخاص في وضعيات صعبة.
وتضيف حيار أنه بالإضافة إلى التحديات الديمغرافية، تعيش الأسر تحديات أخرى تنتج عن مجموعة من الآفات الاجتماعية والإكراهات التي تهدد استقرارها؛ من قبيل العنف الأسري، وانتشار الأمية وخصوصا في صفوف النساء، موازاة مع تزايد صعوبات التوفيق بين الحياة المهنية والحياة الأسرية، وتحديات ثقل الرعاية الأسرية للأشخاص في وضعيات صعبة كفاقدي الاستقلالية، بالإضافة إلى الأثار المترتبة عن التحولات التكنولوجية وتعدد قنوات التنشئة الاجتماعية. وكذلك تحديات أخرى مرتبطة بارتفاع نسب الطلاق، وما ينتج عنه من تفكك ومن تداعيات وخيمة على مكونات الأسرة خاصة الأطفال.
وأوضحت حيار أنه البرنامج الحكومي يتضمن إلتزامات في مجال الأسرة من خلال المساهمة في إخراج مليون أسرة من الفقر والهشاشة ؛ وكذا استفادة الأسر من الدعم في إطار ورش الحماية الاجتماعية.
وتابعت الوزيرة بالقول "كما جعلت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة من الأسرة وحدة أساسية للاستهداف من خلال استراتيجيتها الجديدة 2022-2026 "جسر للإدماج اجتماعي مبتكر ومستدام"، والتي تهدف إلى اعتماد جيل جديد من الخدمات وفق منظور يروم عصرنة التدخل الاجتماعي بجعل الرقمنة، وتحسين استهداف المستفيدين، والتتبع واليقظة الاجتماعية، مدخلا لتجويد العمل في المجالات الاجتماعية، مع تقريب خدمات القطب الاجتماعي من المواطنين من خلال تسهيل وتيسير عملية التواصل والولوج، برفع عدد نقط الاستقبال والتوجيه والتشخيص عبر شباك اجتماعي ذكي موحد وموزع، واعتماد مسارات متعددة للإدماج الاجتماعي حسب الاحتياجات والجودة والاستدامة.
وتركز هذه الاستراتيجية حسب حيار على ثلاث ركائز: بيئة اجتماعية ذكية دامجة، مساواة وتمكين وريادة، ثم الأسرة، منظومة القيم والاستدامة. فيما يخص المحور الثالث: الأسرة منظومة القيم والاستدامة، يتم تنزيله من خلال أربعة مجالات للتدخل: النهوض بالأسرة كمنظومة للقيم؛ حماية الأطفال والنهوض بحقوقهم، تقوية إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة، والرابط الاجتماعي ودعم الأشخاص المسنين.
وتنزيلا للاستراتيجية الجديدة، تم الاشتغال على منظور شمولي يركز على المقاربة الأسرية كمدخل جوهري وأساسي. وقد تجسد هذا المنظور في بلورة سياسة أسرية دامجة وداعمة للحقوق، سياسة داعمة للمساواة بين الجنسين، وميسرة للإدماج الاجتماعي، ومقوية للروابط الاجتماعية ولقدرة الأسر على التحمل في مواجهة التحولات والتغيرات الاقتصادية والبيئية والثقافية، وفق حيار.
واضافت أنها سياسة تستهدف من جانب حماية وتقوية الأسرة كوحدة أساسية في المجتمع، ومن جانب آخر تدعم التربية على الحقوق والمواطنة والمساواة بين الجنسين. كما تحرص السياسة الأسرية الاجتماعية على ألا تترك أي أسرة في الخلف، وذلك من خلال التركيز على معالجة أوضاع جميع الأسر والأطفال في وضعية هشة بغض النظر عن وضعيتهم الأسرية وبالتركيز على مفهوم الأسرة ذات الروابط الاجتماعية المتضامنة.
وقالت حيار إن السياسة الأسرية ستساهم في إنتاج جيل جديد من الخدمات والتدخلات وذلك من خلال بوابة الاستثمار في "اقتصاد الرعاية" وتطويره، وتأهيل وتكوين مساعدي الأسر" auxiliaires de vie، وكذا المساعدين الاجتماعيين ومختلف المهن التي تساعد على تحرير وقت وطاقات الأسر والنساء اللواتي يتحملن، على حساب حياتهن المهنية تبعات الرعاية الأسرية للأشخاص المسنين أو الأشخاص في وضعية إعاقة أو الطفولة الصغرى وغيرهم.
وأشارت إلى أن السياسة الأسرية ستساهم كذلك في مواكبة ورش الحماية الاجتماعية من خلال العمل على توفير البيئة التمكينية اللازمة لمواكبة كل مخرجات هذا الورش (التعويضات العائلية، تعميم التغطية الصحية...) من خلال تطوير البيئة المؤسساتية والثقافية الحاملة والمواكبة لهذه التدخلات، وخصوصا الموارد البشرية الكفيلة بالتتبع الاجتماعي ومراقبة وقع الحماية الاجتماعية على الأسر والأفراد وتقييمه واقتراح بدائل تقويمه. فهدفنا مواكبة الدعم المالي من خلال المساهمة في تمكين الأفراد وضمان شروط الكرامة والمشاركة للجميع، كما ستساهم في دعم التقائية مختلف البرامج والسياسات الاجتماعية وإحداث التغيير المنشود في تعزيز التضامن والروابط الأسرية والاجتماعية.
بالموازاة مع هذه السياسة عملت الوزارة على تطوير جيل جديد من الخدمات الاجتماعية للقرب المقدمة للأسر من خلال المفهوم الجديد "جسر الأسرة". و يشكل هذا الجيل من الخدمات رافعة أساسية في الرؤية الاستراتيجية للوزارة لحماية الأسرة، و يتعلق الأمر بشباك واحد يهدف إلى تحسين الخدمات الأساسية وتعميمها مثل الاستقبال والإرشاد والدعم و مواكبة الأسر والأشخاص في وضعية هشاشة. ويوفر جسر الأسرة أيضا خدمات مساعدة الأمومة (الحضانة الاجتماعية للأطفال المنحدرين من أسر في وضعية هشاشة)، وكذا خدمات التربية الوالدية، الوساطة والإرشاد الأسري.
وأوضحت المتحدثة أن جسر الأسرة يشمل خدمات التكوين المهني للشباب والنساء في وضعية صعبة، بالإضافة إلى توفير الإيواء للنساء ضحايا العنف، نادي نهاري لكبار السن، وأنشطة رياضية وترفيهية للأطفال والشباب خلال العطل المدرسية. وتوفير المعلومات الضرورية للأسرة والأفراد حول مختلف البرامج والمبادرات والخدمات الحكومية الموجهة لهم مع مواكبتهم وتوجيههم للاستفادة منها، وقد تم في هذا الإطار إطلاق عملية تلقي طلبات عروض مشاريع الجمعيات برسم هذه السنة، في شهر مارس 2023.
ولتعزيز الآليات الوقائية والاستباقية لحماية الأسرة، أعدت الوزارة البرامج التالية: برنامج النهوض بخدمات الوساطة الأسرية، برنامج التربية الوالدية، برنامج الإرشاد الأسري.
وختمت وزيرة التضامن والأسرة كلمتها بالتأكيد على صياغة نموذج أسري يقطع مع ترسبات الماضي السلبية، ويستثمر جيدا التغيرات الحداثية، نموذج أساسه الجوهري تطبعه قيم المساواة، الكرامة، تعزيز الروابط الاجتماعية، التراحم والصمود، وجعل فضاء الأسرة فضاء لتدعيم هذه القيم داخل مجتمع يرقى بالفضاء العام من أجل عيش مشترك دامج ومستدام يسوده الاحترام المتبادل و المسؤولية.