كيف تحولت عاملة بسيطة في مكتب محامي إلى أشهر تاجرة مخدرات بالمغرب

حكاية جريمة

نجحت في أن تصنع لها اسما بارزا في تاريخ أشهر تجار المخدرات بالمغرب، بعد أن استغلت بدهاء ثغرة أمنية، لتجعل من زقاق في حي شعبي هامشي بسلا، يقع في حدود التماس بين الدرك والأمن، أكبر نقطة لترويج المخدرات بشكل علني وبطوابير كانت تقف بنظام وتشتري الحشيش، الذي تحولت إلى ماركة تجارية تحظى بسمعة محترمة على المستوى الوطني.

الزبناء كانوا يشعرون بالأمان في هذا الزقاق، ويقفون في طوابير دون أن يشعروا بالخوف من أن يداهمهم بشكل مفاجئ رجال الدرك أو الأمن.

كان البيع يتم بشكل رسمي، و"أصحاب الحال" يصلهم نصيبهم المعلوم.

و هو ما مكن الجبلية من الصمود في وجه أزيد من عشرات مذكرات البحث، رغم أن مكان البيع صار معروفا لدى جميع سكان سلا بعد أن تحول إلى نقطة وصول نهائي لعدد من وسائل النقل، خاصة أصحاب العربات المجرورة، الذين كانوا ينادون جهرا وأمام رجال السلطة والأمن والدرك في عدد من الأحياء باسم محطة «الواد الجبلية».

الآن، ورغم مرور عقدين من الزمن اختفى فيها اسم «الواد الخانز» عن أحد أشهر الأحياء الشعبية بمدينة سلا، وحل محله اسم إداري آخر حول «الخنز» إلى ذهب (واد الذهب)، فإن ذاكرة المكان لا تزال تحفل بالعديد من الأحداث الصاخبة التي تحول بعضها سنة 2003 إلى قضية هزت الرأي العام المغربي.

القضية عرفت إعلاميا ب"ملف الجبلية"، أو فتحية الجبلية، بارونة المخدرات، التي انتهت رحلتها الدراسية عند المستوى الإعدادي، لكنها أصبحت تتحكم في العديد من الأشخاص النافذين بعد أن وجدت نفسها مجبرة على تعويض زوجها «البزناس»، الذي اعتقل وحكم عليه بخمس سنوات، فتمكنت بهدوء من بسط نفوذها على المدينة ومسؤوليها بخبث وذكاء فطري.

عدد من صغار «البزناسة» كانوا يسقطون مثل الذباب في شرك الشرطة والدرك، وهو ما أدى إلى اختفاء الحشيش من معظم نقط البيع بالمدينة. كانت الحملات تبتلع باعة التقسيط واحدا تلو الآخر، فيما كانت الكميات المحجوزة تتحول إلى غنيمة عوض أن تصادر لفائدة الجمارك، والمستفيد في النهاية كان هو فتيحة الجلبية.

البارونة كشفت بعد سقوطها أن خدمة إزاحة وسحق المنافسين كانت بمقابل يقدم لبعض رجال الأمن والدرك المتورطين حتى تطهر كل مناطق المدينة من الحشيش، ولا يبقى سوى الحشيش، الذي تبيعه هي وتستعبد به جيشا من المدمنين، الذين كانوا يقفون في صفوف طويلة أمام طاولات خشبية عشوائية، وضعت في نهاية زقاق مواجه لساحة خالية يتطاير منها غبار أحمر، وفي نهايتها يقع طريق مكشوف على شارع كان يقود إلى مركز للدرك وبعض المصالح الحكومية.

فتحية الجلبة التي نهضت من كبوة فشل الزواج الأول أظهرت عصاميتها المبكرة في العودة للدراسة من جديد بعد انقطاعها عن التعليم فتمكنت من بلوغ مستوى الرابع إعدادي، وكذا تعلم الرقن، قبل أن تشتغل في مكتب أحد المحامين دون أن تدري أن الزمن يخبئ لها مفاجأة ستجعلها زبونة رهن الاعتقال لمكتب مماثل بعد أن نجحت وحدة أمنية خاصة في رصد مكانها واعتقالها بعد أن وصلت رائحة حشيشها إلى العاصمة، وبالضبط إلى مكاتب مسؤولين كبار فصار رأسها مطلوبا.

"يتبع"