محمد بوزفور يكتب : — هنا المغرب —

لم تسلم الرحلة الى كينشاسا لحضور مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الكونغولي من احداث عنف في حق الوفد المغربي و الجماهير المغربية التي تجشمت مشاق سفر محفوف بالمشاق و الرعب . وكان المشهد هناك يدعو الى كثير من القلق تخلله رشق بالحجارة ونزول جماعي مخيف الى قلب ملعب الشهداء بكينشاسا ، وسبقته مضايقات في مرحلة الوصول والعودة انطلاقا من المطار ومرورا بالفندق وملعب التداريب وملعب المباراة ..
و رغم الحضور الشخصي لرئيس الدولة الكونغولي للمباراة يوم 25 مارس 2022 , الا ان الانفلات الامني بالملعب ومرافقه بدا واضحا خصوصا بعد نهايتها ، ولم تفلح ترتيبات الامن المحلي في احتوائه بالشكل الناجع و المطلوب .. ويبدو ان أمورا اخرى قد غذت ارتفاع حدة هذه السلوكات الجماعية العنيفة ، التي كان يظن ان الملاعب الافريقية قد قطعت معها منذ مدة ، ترتبط اساسا بعملية الشحن والتوتير التي صدرت عن الحكومة الكونغولية التي استفردت لوحدها بتنظيم الحدث الكروي الافريقي الحاسم وجوانبه المختلفة ، واحتكرت لوحدها وضع رزمة من الاجراءات غير المسبوقة ذات الطابع الإكراهي في التعاطي مع الجمهور المغربي على بوابات الملعب او داخله ، ناهيك عن اعمال التشويش والمضايقة سواء بملعب التداريب او اقامة المنتخب ، مع إصرار غريب في تهميش دور الجامعة المحلية التي انحصر دورها في موقع المتفرج من الأحداث ..
وهي المعطيات التي اضطرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الى مراسلة الكاف والفيفا للاحتجاج حول جملة من المشاكل والمعوقات عكرت صفو اقامة المنتخب الوطني هناك .
ومن ثمة ، وفي ظل التطرف الذي ابداه مشجعو المنتخب الكونغولي في ايذاء و مضايقة الجمهور المغربي والوفد الرسمي ، فانه لم يكن مستبعدا في حالة هزيمة المنتخب الكونغولي بعقر داره ، ان يشهد ملعب الشهداء أسوأ سيناريو هيتشكوكي ، كان من الممكن ان يسفر عن سقوط العديد من الضحايا ويخل بشروط الأمن القصوى و يزج بالمقابلة نحو المجهول ويرهن عودة الوفد المغربي الى قواعده سالما ..
انها مظاهر التعصب التي تطل برأسها في بعض ملاعب افريقيا والذي يسيئ الى الاخلاق والروح الرياضية ، ويمس بقيم التسامح بين الشعوب الافريقية ويخل بالموازين التنظيمية للمباريات ، ويجعل شوكة المشجع الفرد تتجبر وتستأسد وسط هيمنة الحشود التي تتحول الى كائنات شرسة تلغي صفة العقل !!
و الاكيد ان هذه الانزلاقات خلفت استياء عارما لدى الجماهير الرياضية بالمغرب التي طالبت عبر مواقع التواصل الاجتماعي برد الصاع صاعين وبعدم ابداء الحفاوة والمجاملات التقليدية للوفد الكونغولي اثناء لقاء العودة بالمركب الرياضي محمد الخامس .. لكن المملكة تبقى ارض الحضارة والرقي الانساني في التعامل مع الزوار والضيوف ، ومع الافارقة على وجه الخصوص .. لذلك نتساءل ما هو الفرق بين المغاربة و كثير من شعوب الارض اذا كنا سننساق بسهولة وراء متاهات التأر ؟؟
الواقع ان كل المغاربة يعشقون حد النخاع تحصيل المجد الكروي وحضور المنديال بقطر .. لكن ذلك الهدف مهما عظمت ابعاده لا ينبغي ان ينسينا شيم التسامح و فتح قلوبنا للجميع و تجاوز الاساءات الظرفية التي قد تنفجر بهذه المناسبة او تلك في فضاءات قارتنا الافريقية بحكم التهييج و الزيغ و المغالاة في الشحن العاطفي التي لا تخلو منها ايضا الملاعب في كثير من بلدان العالم !!
الفرق ان المغاربة بقدرما هم شغوفون بالكرة ، فانهم يتعففون عن مقدرة وليس عن ضعف ، عن الاساءة للمستقبل ومصادرة الغد في علاقتهم باشقائنا الافارقة في سياق جيو استراتيجي تطبعه تربصات واحقاد دولة الكابرانات التي تتحين نصف فرصة للصيد في الماء العكر ..!!!
ان المشجع المغربي الشاب يملك من الذكاء السياسي و الوعي الفكري ما يجعله قادرا على التفريق بين مظاهر الشغب المحلي المخترق لبعض ملاعبنا على صعيد البطولة الاحترافية وبين ارتكاب العنف العمدي اتجاه الضيف الافريقي عندما ينزل بين ظهرانينا في اطار منافستنا معه حول الالقاب أو انتزاع ورقة التاهيل لمونديال قطر !!!
واستاذا الى ما سبق وتكريسا لروح التضامن الوطني بين الجماهير المغربية .. و اعلاء لاسم المغرب التليد في تاريخ الامم ، فاننا ندعو السيد رئيس الجامعة بنقش عبارة // هنا المغرب // على مجموعة من اللوحات الاشهارية ذات الحجم الكبير بمختلف زوايا ومناطق المركب الرياضي محمد الخامس بمناسبة مباراة العودة ، و ستكون هذه البادرة أسمى رد حضاري ورياضي على كل من يكون قد اخطأ في حق انصار المنتخب المغربي هناك بالعاصمة كينشاسا ، سيما ان النقل التلفزي سيسهم في تسويق هذه الرسالة القوية لكافة ربوع العالم من اجل التأكيد على ان المملكة المغربية حاضرة على الصعيد الافريقي بصروحها الرياضية العتيدة و شبابها المؤمن بقيم الوطن والمشرئب دوما نحو مزيد من التنمية والتطور والنماء في ظل القيادة الرشيدة لمولانا الهمام جلالة الملك محمد السادس نصره الله ..
// هنا المغرب // إسوة ب // هنا باريس // هنا الدار البيضاء // هنا الرباط // ، هي عبارة بسيطة لكنها ثقيلة الدلالة والابعاد نتمنى ان يكون تبنيها من طرف الجامعة فأل خير على الفريق الوطني لنراه جميعا ينافس هذه السنة داخل مضامير قطر بمناسبة كاس العالم ..
وتأسيسا على هذه التطلعات المشروعة ، فان احتضان شعار // هنا المغرب // بالصدر الرحب والحماس المطلوب من طرف الجامعة سيجعل لاعبي وأطر المنتخب الكونغولي يستحضرون -كلما تحركوا بالمركب الرياضي - اسم المملكة المغربية الساطع ، باعتباره علامة افريقية فارقة ترتبط بالتميز وحمولة التاريخ واضاءات الحاضر و المستقبل !!
— هنا المغرب — — ICI MAROC —


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.