بنعلي لـ"بلبريس": طبيعة الإقتصاد الوطني لا تتيح للحكومة تنزيل جميع الأوراش التي فتحتها

كشف رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة أول أمس الثلاثاء 4 يناير الجاري، بمجلس المستشارين، عن الخطوط العريضة لمخطط "الجيل الأخضر" والذي ستشرع الحكومة في تنزيله انطلاقا من مستهل السنة الحالية 2022.

فبالرغم من الطموحات الكبيرة التي أبان عنها مخطط "الجيل الأخضر"، إلا أنه يضعنا أمام العديد من التساؤلات المرتبطة بنجاعة المخطط وملائمته مع باقي الأوراش المفتوحة أولا، ثم مصدر الموارد المالية التي سيتم من خلالها تمويل المخطط.

في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي خالد بنعلي، إن "طبيعة الإقتصاد الوطني المغربي، لا تتيح للحكومة تنزيل جميع الأوراش التي فتحتها منذ تنصيبها"، مؤكدا على أن "دولة كالمغرب يوجد فيها معدل النمو لا يتجاوز 3.2 في المائة من المستحيل الانخراط في هذه الأوراش بهذا الشكل".

وأضاف بنعلي في حديث مع "بلبريس"، أن "النقطة الوحيدة التي من الممكن أن تفتح المجال أمام هاته الأوراش، هي النمودج التنموي الجديد، والمقترحات التي جاء بها، خصوصا أن هاته المخططات تحتاج لسنوات من أجل التنفيذ، وفي هذا الجانب يمكن تنزيل هاته البرامج كل سنة حسب متطلباتها وإمكانياتها".

وأشار الخبير الاقتصادي ذاته، إلى أن "طموحات النموذج التنموي تتطلب مجموعة من الميكانيزمات والمعطيات، لوضعها في السياق الخاص بها، وبعدها نناقش المردود"، مضيفا "في قناعتي الشخصية الحكومة اليوم تضع الإجراءات التقنية التي ستُمكن من تحقيق هاته النتائج في المستقبل"، مستدركا "لكن الإمكانيات المتاحة في هاته السنة، لا تسمح لنا بتمويل جميع هذه البرامج".

وتابع بنعلي قائلا "موضوع نجاعة الأوراش الكبرى التي أطلقتها الحكومة مركب وجد معقد، وليس بالسهولة التي نعتقدها، خصوصا في الحديث عن مخطط "الجيل الأخضر"، الذي لم نفهم بعد هل هو فقط نفس جديد لمخطط المغرب الأخضر، أو أنه مشروع جديد يرمي لتحقيق التنمية المجالية، والعدالة الاجتماعية".

وأبرز المتحدث ذاته، أن "الحكومة الحالية لها رهانات كبرى متعلقة بتنزيل البرنامج الحكومي، والنموذج التنموي، فإذا تم دمج هذا المخطط وسطها سيتم تحقيق النجاح بالتأكيد، لكن إن تم العمل على تنزيل المخططات والبرامج خارج النموذج التنموي والبرنامج الحكومي، ولم يحصل ترابط بينهما فلا يمكن التوقع بنجاح هاته الأوراش".

جدير بالذكر، أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قال إن حجم منجزات مخطط المغرب الأخضر بلغت الطموح المسطر وحققت الأهداف المنتظرة منه، بعد مرور أزيد من 10 سنوات على إطلاقه، مضيفا أن المخطط شكَّل على مدى العُشرية الماضية رافعة أساسية للتنمية بالعالم القروي.

وأوضح أخنوش، في معرض جوابه على سؤال محوري خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة حول موضوع “مخطط الجيل الأخضر ورهانات التنمية القروية والعدالة الاجتماعية”، أن مخطط المغرب الأخضر “منذ إطلاقه سنة 2008 من طرف صاحب الجلالة نصره الله، شكَّل آلية فعلية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة في صفوف فئات الفلاحين التي تشكل أساس الساكنة القروية”، مضيفا أنه تم تفعيل هذا المخطط عبر إرساء دعامتين تتعلق الأولى بالفلاحة العصرية ذات القيمة المضافة العالية والإنتاجية المرتفعة، في حين ترتبط الثانية منها بالفلاحة التضامنية في المناطق غير الملائمة.
وسجّل في هذا السياق أنه على الصعيد الإقتصادي، ارتفع إجمالي الناتج المحلي الفلاحي سنويا بمعدل 5.25 في المائة مقابل 3.8 في المائة بالنسبة للقطاعات الأخرى، حيث تضاعفت الثروة المحدثة من 65 مليار درهم سنة 2008 الى 125 مليار درهم عند متم سنة 2018، مشيرا إلى أن القطاع، بهذا المعدل، أصبح يساهم في نقاط النمو الاقتصادي الوطني ب 17.3 في المائة خلال الفترة من 2008 إلى 2018 عوض 7.3 في المائة المسجلة في الفترة السابقة 1998/2008.

كما يساهم القطاع الفلاحي، وفق أخنوش، بنسبة 13 في المائة من الناتج الداخلي الخام و13 في المائة من القيمة الاجمالية للصادرات، حيث ارتفعت صادرات المنتجات الفلاحية خلال سنة 2019 الى حوالي 40 مليار درهم أي ما يعادل 2.8 أضعاف القيمة المسجلة سنة 2009 (14.2 مليار درهم).

وعلى المستوى الإجتماعي، أوضح رئيس الحكومة أن الفلاحين الصغار والمتوسطين كانوا في قلب جميع برامج وتدخلات مخطط المغرب الأخضر، من خلال الاستثمارات الكبيرة التي تم تخصيصها لهذه الفئة، والتي تجاوزت 43 مليار درهم، مبرزا أن مشاريع الدعامة الثانية وحدها، شملت أكثر من 733 ألف مستفيدا من خلال 989 مشروعا التي عبأت ميزانية تقدر بحوالي 14,5 مليار درهم.

كما ساهمت برامج التهيئة الهيدروفلاحية، في تحسين دخل أكثر من 190 ألف فلاح صغير ومتوسط، بتحقيق قيمة مضافة لكل هكتار مسقي بنسبة زيادة ما بين 5.000 إلى 10.000 درهم في السنة، وفق أخنوش.

وأشار إلى أن مخطط المغرب الأخضر أتاح أيضا، توفير 342.000 منصب شغل إضافي، كما مكُن من زيادة عدد أيام العمل في السنة لكل عامل، حيث انتقلت من 110 إلى 140 يوم/سنة، وذلك بفضل توسيع المساحات المزروعة، وتنويع المحاصيل، وتحسين الإنتاج، مؤكدا أن القطاع يمثل أزيد من 72 في المائة من التشغيل القروي، ويساهم في تحسين التشغيل والدخل ومكافحة الفقر بالوسط القروي.


شاهد أيضا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

2 تعليقات
  1. إطار في التخطيط التربوي يقول

    المغرب يفتقر إلى السيادة في بعض المنتجات الفلاحية الأساسية والتي تستهلك بشكل كبير، مثل الحبوب والنباتات الزيتية ومادة السكر حيث يتم استيراد جزء مهم منها من الخارج، مع العلم ان المغرب قادر على إنتاج ما يكفيه ويغطي حاجياته وبالتالي ضمان استقلاله بخصوص هذه المواد الأساسية وحمايته من تقلبات اسعارها في السوق العالمية.