ما زالت قضية “التجسس” التي اتُّهم فيها المغرب والجهاز الامني المغربي تسيل مدادا كثيرا، فبينما رأى البعض في ذلك دليلا على قوة القدرة الاستخباراتية المغربية، تساءل البعض الاخر عن السبب وراء الحملة الإعلامية الفرنسة إزاء السلطات المغربية.
وقد وحاول سياسيون ومحللون ومهتمون بالشان العام، عبر تدويناتهم البحث عن سياقات الاتهامات المذكورة، متوقفين عند القوة الامنية للاستخبارات المغربية التي اصحبت تزج الكثيرين، وكذا التقارب المغربي الاسرائلي.
في هذا السياق قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة ، في تصريح اعلامي إن من روجوا مزاعم استهداف المغرب “لا يملكون أي أدلة”، مضيفا أن “تقارير بدأت تظهر تطرح علامات استفهام”، وأن من نشروا واتهموا المغرب ليس لهم أي دليل.
. وأوضح أن المغرب سيذهب إلى النهاية في متابعة هذا الموضوع، في إشارة إلى رفع دعوى قضائية في الخارج، ضد من اتهموه.
وأشار العثماني إلى أن المغرب مستهدف من جهات تحاول الإساءة له، ولصورته، بسبب “نجاحاته”، وتموقعه دوليا وإقليميا”، وشدد العثماني على أن المغاربة يرفضون “هذه المزاعم والتهجمات”، ودعا جميع القوى السياسية لمواجهة هذه الحملة.
واعتبر العثماني أن جهات متعددة يزعجها تقدم المغرب ونجاحه، لكنه رفض الكشف عن هذه الجهات، لكنه أشار إلى أن وزيرا فرنسيا سبق أن صرح بأنه يجب إعادة شركة رونو إلى فرنسا من المغرب. وأشار العثماني إلى أن المغرب حقق نجاحا في أفريقيا وفي المجال الأمني، فضلا عن استقراره الذي يعد وحده مصدر غيرة.
اما شكيب بنموسى السفير المغربي بفرنسا،فقد اكد إن المغرب لم يتجسس على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولم يقتني برنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس”.
وأوضح بنموسى في حوار مع أسبوعية “لوجورنال دوديمانش” نشر نهاية الأسبوع، أن المغرب سبق وأن نفى بشكل قاطع اقتناءه لهذا البرنامج، وذلك بعد أن اتهمته منظمة العفو الدولية بالتجسس على الصحفيين، حيث دحض رئيس الحكومة مثل هذه الاتهامات وطلب في رسالة إلى المنظمة تقديم أدلة حول هذه المزاعم لكنه لم يحصل على أية إجابة.
ودعا بنموسى مطلقي الاتهامات الموجهة للمغرب إلى تقديم دلائل، متسائلا عن الدوافع التي ستجعل المغرب يقوم بالتجسس بمثل هذه الطريقة.
ونفى بنموسى كذلك تجسس المغرب على رئيس الوزراء الفرنسي السابق “إدوارد فليب” وأعضاء الحكومة الفرنسية، مؤكدا استعداد المغرب للمشاركة في اتفاقية دولية حول استخدام البرمجيات المتطفلة.
يذكر أن المغرب قام برفع دعوى قضائية ضد منظمة العفل الدولية، ومنظمة “فوربيدين ستوريز” بتهمة التشهير، بعد اتهامه باستخدام برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية لاستهداف شخصيات حقوقية وإعلامية وسياسية.
وفي هذا فال الصدد رئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، أن الاتهامات الموجهة للمغرب بشأن “بيغاسوس” لا أساس لها من الصحة، وأن صاحبها إما جاهل أو مغرض .
وقال بنكيران، في شريط فيديو بثه على صفحته بالفيسبوك، إن عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ومدير مديرية مراقبة التراب الوطني، “أحسن من تولى الملف الأمني في تاريخ المغرب”.
وتابع المتحدث أن “حموشي يتمتع بخمسة أمور، قائلا “أنه رجل كفؤ ورجل نزيه وعاطيه سيدنا الصلاحيات، ويتمتع بثقة سيدنا، وخامسا سيدنا تايثيق، وأكثر الناس لي عندهم وفاء لوطنهم ولملكهم وهو غاية في التدين” ، متسائلا: “هل من المنطقي أن تتوفر في هذا الرجل كل هذه الصفات ويتجسس على الملك؟”.
وفي ذات الشريط اعتبر بنكيران أن “كل الدول مستهدفة ومشي غير المغرب، وأن الصين وأمريكا مستهدفتين ويستهدفان بعضهم البعض، فما بالك المغرب لي مشي دولة قوية بحالهم”، حسب تعبيره.
في حين لاحظ الباحث إدريس الكنبوري أن صحيفة “لوموند” الفرنسية خصصت غلاف أحد أعدادها الأخيرة وخمس صفحات كاملة للاتهامات الموجهة إلى المغرب بالتنصت على هواتف الرئيس الفرنسي ومسؤولين فرنسيين وجزائريين.
وكتب في تدوينته: “قريبًا ستبدأ حفلة الهجوم على المغرب، وستجد فرنسا وإسبانيا والجزائر فرصة للنيل منه، خصوصا وأن إسرائيل موجودة في الصورة. إنه اختبار جديد للدبلوماسية المغربية. يبدو أن المغرب أصبح بلدا يحسب له حسابه، مهما تكن التفاصيل، وصار جزءا من معادلة إقليمية ودولية أوسع.”
أما الأكاديمي محمد جبرون فأكد أن “التجسس تمارسه كل الدول دون استثناء والمغرب أحدها”، وقال “إنه من دواعي الفخر أن تكون لنا أجهزة أمنية قادرة على ممارسة مهامها باحترافية حماية للأمن الوطني داخليا وخارجيا.”
وأضاف أن “المزعج لأعداء المغرب وخصومه – اليوم – هو القدرة الاستخباراتية العالية للمملكة التي كشفت عملية بن بطوش (إشارة إلى الاسم المستعار الذي دخل به زعيم البوليساريو إلى إسبانيا للاستشفاء)، وأمسكت بخيوط الأمن الداخلي لأوروبا، وخاصة فيما يتعلق بالإرهاب. والمزعج أيضا أن المغرب بدأ ينهج في سياسته نوعا من الاستقلالية تجاه الاستعمار التقليدي.”
وأشار إلى أن “المغرب يبدو مستعداً لمواجهة هذا التحدي بشجاعة واحترافية وحنكة، والمغاربة في غالبيتهم يتحلون بالوعي واليقظة اللازمتين لمواجهة هذا التحدي.”
اما الدكتور عبد الرحيم منار اسليمي فقد فال انه من الواضح اننا امام فيلم تحريضي من انتاج جهات معينة،مضيفا ان هذا الفيلم يستعمل كورقة من اوراق الحرب الملعنة ضد المغرب اذا حاولنا ان نربط ما يجري اليوم في وقد انطلق طيلة الشهور الماضية.
واردف اسليمي:” ان هذه الحرب استعمل فيها برنامج معلوماتي قد اثار نقاش عالمي منذ سنوات، هذه الحرب تستهدف صورة المغرب الخارجية وتستهدف مؤسسات مغربية داخلية، ولكي نفهم جيدا ما يجري يجب ان ننطلق من الجهات التي روجهت لهذه الحملة التحريضية وهي فوربيدن ستوريز وهي تحتوي على طاقم مشكل من المانينين وموقع ميديا بارت المسؤول عنه فرنسي ذو اصول جزائرية ومنظمة العفو الدولية بمكتب الشرق الاوسط وشمال افريقيا”.وتابع:”هناك مسالة اخرى ان الذي اختار هذا الفيلم، سقط في عدة هفوات، تم التركيز فيه على المغرب دون اي دلائل”.
اما الأستاذ الجامعي والناشط الفيسبوكي، عمر الشرقاوي، فنشر تدوينة على حسابه الرسمي بفايسبوك، هاجم فيها أولائك الذين يريدون من المغاربة أن يرددوا بأن مؤسساتنا لا يحكمها القانون.
وقال الأستاذ الشرقاوي: “قضية بيغاسوس تريد أن تفرض على بلدنا قلب كل القواعد رأسا على عقب، مجمع من الصحفيين الحالمين بأجندة استخباراتية معادية للمغرب وباحتضان لبعض الجهات في الداخل، يريدون أن نردد معهم أن مؤسساتنا الأمنية السيادية مارقة ولا قانون يحكمها ولا قواعد عمل تؤطر عملها، وأن القضاء خارج التغطية لا يراقب ولا يرخص للتصنت على المكالمات”.
وأشار أستاذ القانون الدستوري، بأن الغريب هو أن دعاة هاته الحملة يريدون أن يقنعوا الجميع دون أدلة أو براهين يقدمونها، باستثناء أن هاته الاتهامات الثقيلة صحيحة لمجرد أن الجهة الصادرة عنها هي” ميديا بارت” أو” الواشنطن بوست” أو “لوموند” أو عتاة المناضلين الحقوقيين والصحفيين.
واختتم الشرقاوي تدوينته قائلا: “يريدوننا أن نردد معهم ومع بعض العدميين أن مؤسساتنا فاسدة خارجة عن القانون إلى أن يثبت العكس، يريدون أن نقتنع أننا رهائن بيد مخلوقات خطيرة وخطرها أصبح يتجاوز البلد إلى بلدان أخرى، إنها حملة ضد وطن.
اما الدكتورميلود بلقاضي رئيس المرصد المغربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية فقد صرح لبيلبريس ان الهجمة التشهيرية من قوى متعددة ضد المغرب وفي هذا الوقت بالذات لا يمكن عزلها على سياق بداية تموقع المغرب كقوة إقليمية صاعدة في النظام الدولي الجديد الذي بدأ يتشكل منذ ظهور جائحة كورونا ومواجهته الند بالند اسبانيا وألمانيا والاتحاد الأوربي.
وعادي جدا ان تتكالب بعض القوى على المغرب خصوصا بعض الصحافة والنخب الفرنسية التي تحدث عنها باسكال بونيفاس في كتابه “المثقفون المزيفون” مبرزا كيف يصنع الإعلام خبراء في الكذب والتزوير، وإستحواذ فئة من الصحافيين والمعلقين والمثقفين مِنْ عديمي الضمير على الفضاء الإعلامي والثقافي الفرنسي، وقلّبهم الحقائق بهدف توجيه الرأي العام نحو قناعات أيديولوجية أُحادية البُعد خدمة لسلطة المال وخدمة الاجندات.
والأكيد ان المغرب لن يتأثر بهذا التكالب عليه وسيفضح النخب والصحافيين الفرنسيين المزيفين وغيرهم، أو المرتزقة كما يسميهم باسكال بونيفاس، الذين اصبحوا يتطاولون على المؤسسات المغربية وفي مقدمتها المؤسسة الأمنية ورموزها بكل فئاتها خصوصا الحمدوشي والمنصوري اللذين جعلا العالم -بما فيه فرنسا- يعترف بخبرة وقدرات ومؤهلات ومهنية المخابرات الأمنية المغربية التي انقذت العديد من الدول الاروبية من مجازر إرهابية.
ومضيفا قد صدق وزير الشؤون الخارجية المغربي الذي اكد انه ليس من المنطق.. للمغرب الذي نجح في أن يصبح حليفا موثوقا لدى شركائه، بفضل الفعالية المعترف بها عالميا لأجهزته الأمنية، خاصة في الحرب الدولية ضد الإرهاب ان يتجسس على شركائه … انه العبث …لذى قرر المغرب الذهاب بعيدا لمتابعة كل هذه القوى الظاهرة منها والحفية في القضاء لان المؤسسات التي روجت لهذه الاتهامات ليس لها اي دليل لذلك اختارت منهجية التشهير بالمغرب بدل الذهاب الى القضاء عكس المغرب.