قبيل أشهر قلائل على نهاية ولاية حكومة سعد الدين العثماني، وقرب تنظيم الانتخابات التشريعية المقررة في شتنبر المقبل، حاورت جريدة "بلبريس" الالكترونية سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، حول رهانات وتحديات والنتائج المكتسبة بخصوص منظومة التكوين المهني التي أولاها الملك محمد السادس أهمية كبيرة في خطاب 20 غشت، والتي تعتبر من الركائز المهمة في الاقتصاد الوطني وجذب الاستتمار الخارجي وتشجيع تنافسية المقاولات.
وأكد أمزازي ل"بلبريس" أن :" جلالة الملك يولي عناية خاصة لمنظومة التكوين المهني، حيث وضع خارطة طريق تحتوي على عدد من المستجدات والتوجيهات، فمباشرة بعد الخطاب الملكي ترأس الملك عدد من اللقاءات مع مجموعة من الوزراء المعنيين بالتكوين المهني، وكانت أربعة اجتماعات مهمة، والتي من خلالها بلورنا خارطة الطريق والتي قدمناها أمام أنظار صاحب الجلالة في 4 أبريل 2019".
وأضاف وزير التعليم :"هذه الأهمية أيضا تتجلى برئاسة الملك لإعطاء الانطلاقة لأول مدينة المهن والكفاءات بأكادير والتي ستكون انطلاقتها في شتنبر المقبل، وأيضا انطلاقة الموسم الدراسي 2019 برئاسة الملك في معهد التكوين المهني، ولهذا الأمر دلالة كبيرة ورمزية قوية لان التكوين المهني آلية لرفع قدرة الشباب وتمكينهم وتيسير ولوج عالم الشغل، التكوين المهني أيضا يرفع من تنافسية المقاولات ويواكب الأوراش الكبرى المهيكلة للاقتصاد الوطني التي انخرط فها المغرب كورش قطاع السيارات والطيران وطاقات المتجددة .. ، ويساهم التكوين المهني كذلك في جذب وجلب المستمر بفضل اليد العاملة الكفؤة".
فضلا عن الطلب الاقتصادي، يقول أمزازي، هناك الطلب الاجتماعي، فمن التوجيهات الملكية رفع قدرات الشباب، فأينما تواجد هؤلاء الشباب الذين يعتبرون الرأس مال البشري للمغرب يجب تكوينهم لمنحهم فرص للشغل وإمكانية لإنشاء مقاولاتهم الذاتية، ففي حالة عدم تواجد بيئة صناعية في المنطقة التي يتواجدون فيها، وبفضل المهارات التي سيطورونها، يمكنهم الاشتغال في مناطق أخرى أو تطوير مشاريعهم الخاصة.
أشار إلى أن "النموذج التنموي الجديد الذي تم المصادقة عليه من طرف صاحب الجلالة، جاء لتقوية التوجه الذي نسير فيه، وإعطاء دعامة قوية لسلك الطريق الصحيح، وترتكز خارطة الطريق الخاصة بالتكوين المهني على 5 محاور. فالمحور الأول، التكوين المهني القائم اليوم لابد ن إعادة تأهيله وتطوريه عن طرق حذف عدد من الشعب والمسالك وخلق شعب جديدة، فمتطلبات سوق الشغل متغيرة، وأيضا تحيين بعض الشعب وتطويرها، إعادة تأهيل وتجهيز بعض المعاهد لملاءمتهم مع المهن الجديدة لتي يتطلبها الاقتصاد الوطني، حيث أن فقط مكتب التكوين المهني وانعاش البشغل تبلغ 380 معهد.
والمحور الثاني يقوم على خلق نموذج جديد لمدن المهن والكفاءات التي طلب الملك لإعطائها بعدا جهويا، ففكل جهة تم إحداث وسيتم إحداث مدن المهن الكفاءات، التي ستأخد بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة والتي ستتحكم في حوض التشغيل، فاليوم لابد من ربط التكوين بالتشغيل، لايمكن إحداث شعب ليس لها وقع على البيئة الاقتصادية الجهوية. هذه المدن هي عباراة عن جامعات للتكوين المهني متعددة التخصصات تضم منشئات رياضية وقاعات متعددة الوسائط ومعلوميات متطورة وأماكن للإقامة لفائدة المتدربين..وسيتم تدبير هذه المدن من طرف المهنيين، وهذا معطى جديد. لأن المهنيين هم القادرون على التعبير عن الخصاص المتعلق بهم، والجهة ستكون شريك أساسي في مجلس الإدارة بالإضافة إلى الدولة الممثلة بالسيد الوالي والقطاعات المكونة .وهذا منظور جديد للحكامة مبتكر والذي يزيد من نجاعة مدن الكفاءات.
أما المحور الثالث أساسي فيتعلق بالنموذج البيداغوجي، اليوم البيداغوجيا المعتمدة من طرف مدن المهن والكفاءات هي بيداغوجية الكفاءات والكفايات، لهذا جميع المسالك التي يتم المصادقه عليها نعتمد فيها مقاربة الكفايات، ويجب ان تتم التكوين في بيئة مهنية بعيدا التلقين المعتمد في الجامعات. لاكتساب مهارات مهنية يجب خلق بيئة مهنية للمتدرب.
هناك أمر آخر هو الاعتماد على اللغات الأجنبية، اليوم الشاب لديه عدد من الكتب بالانجليزية والفرنسية لابد ان يكون متمكن لقراءتها وتطبيق ما تحتويه، ثم المهارات الحياتية والذاتية، فالمراد هو أن يكتسب المتدرب شخصية وريادة والقدرة على الموازاة بين لمهارات المعرفية المهارات الحياتية والذاتية، يضيف أمزازي .
أما المحور الرابع فيهم وضع عددمن الربرامج لتأهيل الشاب الذين يشتغلون في القطاع غير المهيكل ومواكبتهم ومصاحبتهم لتمكنيهم من ولوج القطاع المهيكل، هناك عى سبيل المثال برنامج يخص الشباب المتمكن من مجال المعلوميات، يتم ماكبتهم لمدة 4 إلى 6 أشهر لتطوير مهارات المعرفية والتقنية واللغات الأجنبية ويتم منحهم شهادة لتمثين المكتسبات وتمكينهم من إنشاء مقاولة ذاتية وبالتالي الاندماج في القطاع المهيكل.
فيما المحور الخامس يقوم على التوجيه المبكر، حاملو البكالوريا الذين يلجون التكوين المهني يبلغون 25 في المائة مقابل 75 فالمائة يلجون الجامعة، بداية كان هناك مشكل المنحة، والحكومة الحالية خصصت منحة للتكوين المهني، ويتم رفعها سنة تلو الأخرى. ثم الطاقة الاستيعابية، اعتمدنا نسبة تأطير جيدة في التكوين المهني حيث تم تخصيص مؤطر لكل 25 متدرب، حيث لا يمكننا خلق اكتظاظ داخل مراكز التكوين المهني، والأساس اليوم هو كيفية التقليص من الوافدين على الجامعة ورفع الوافدينعلى التكوين المهني، لأن هناك هدر جامعي كبير يبلغ 40 فالمائة يغادون بدون أي شهادة، مما ينتج عنه نوع من الإحباط للأساتذة وللطلبة. لهذا لابد من توجيه مبكر، ففي خطاب 20 غشت ، طلب الملك أن يكون هناك توجيه مبكر ليتمكن التلميذ من بلورة تصور وبناء مشروع شخصي وكذلك تغييير الصورة النمطية حول التكوين المهني، حيث كان سائدا أن من يلج التكوين المهني هو تلميذ فاشل لم يتمكن من مسايرة الدراسة في النظام العام، اليوم الأمور تغيرت وابتدأ التوجيه المبكر مباشرة في السنة الأولى اعدادي، عبر المشروع الشخصي والمواكبة والمصاحبة من طرف الأستاذ الرئيس، وانشأنا مسارات مهنية على المستوى الاعدادي وعلى المستوى الثانوي الاعدادي والثانوي التاهيلي، ولقد سجلنا توافد عدد كبير من التلاميذ على هذه المسارات بنسب مرتفعة.
وأضاف الوزير امزازي علينا اليوم تأهيل فضاءات الاستقبال ليتماشى مع الطلب المتزايد، مؤكدا أن الجامعة المغربية تخرج لنا اليوم 150 الف في مقابل ان التكوين المهني يخرج 120 الف بمجموع 270 الف، فيما يخلق الاقتصاد الوطني 89 الف فرص عمل فقط، مما يعد مفارقة كبيرة ومعادلة صعبة، لذا لخلق اكبر عدد من فرص الشغل وجب الرفع من وتيرة النمو الوطني، ما يعد عملا للسياسة العمومية بكاملها.
وتابع امزازي رغم ذلك هناك بديل وهو تطوير المقاولة الذاتية لان الاقتصاد الوطني لا يمكنه استيعاب عدد الخريجين كل سنة، لهذا بدانا نشتغل على تلقين الثقافة المقاولاتية وتطوير الحس المقاولاتي لدى الشباب ووضعنا عدة برامج تأهيلية لتمكين الشباب من خلق مقاولاتهم.
وبشان العالم القروي أكد امزازي أن وزارته بصدد تنزيل نموذج جديد في اطار عدالة مجالية وعدالة اجتماعية وتقريب التكوين المهني من الشباب ولاسيما أن الملك محمد السادس أكد على التكوين المهني في المجال الفلاحي.
واضاف المتحدث ذاته ان العالم القروي اليوم يزخر بؤهلات بشرية خاصة في المجال الفلاحي ما جعلنا نخلق برنامجا للتكوين المهني على المستوى القروي وتطوير كفاءات الشباب في محيطه ليرفع من التنمية المحلية وقريبا سيتم اطلاق نموذج باقليم الصويرة وهو عبارة عن قرية للتكوين المهني تهم تلك المنطقة، وسنطور هذا النموذج مستقبلا على المستوى الوطني بمساعدة القطاعات الحكومية وكذا المنتخبون.
وبشان ترشحه في الانتخابات المقبلة، قال سعيد امزازي: "مسؤوليتي اليوم كبيرة جدا، فانا بصدد تنزيل خارطة طريق للارتقاء بالمدرسة الوطنية، فهذا اهم انشغالاتي اكثر من ترشحي ام لا، فحصيلة وزارة التربية الوطنية كانت جيدة جدا وكانت بانخراط الجميع من رجال ونساء التعليم واجهنا الوضعية الوبائية ونحضر لاعطاء الانطلاقة لموسم دراسي متميز".
واختتم امزازي حديثه بشكر كل من موقعه داخل المنظومة من نساء ورجال التعليم والشركاء، مهنئا الناجحين والناجحات في مستويات الباكالوريا رغم الظروف الصحية التي تمر منها البلاد.