(تصوير سناء بونو)
في الوقت الذي كانت الفعاليات السياسية والمدنية والحقوقية تنتظر مرحلة الاستئناف في ملف الصحفية هاجر الريسوني ومن معها، أعلن بلاغ لوزارة العدل ، وبشكل مفاجئ ، عن عفو ملكي ، على الصحفية التي شغلت قضيتها الرأي العام الوطني والدولي، ولاسيما أن التهم الموجهة إليها تدخل في إطار الحريات الفردية كما تراها الفعاليات الحقوقية .
بنعبد القادر ينقل “الفرحة” لزملاء هاجر
صدمة،فرحة، ذهول.. هكذا كان الصحفيون أمام كلمة وزير العدل الجديد، محمد بنعبد القادر، وهو يقول أن “الملك محمد السادس تفضل بالعفو على الآنسة هاجر الريسوني وخطيبها والطاقم الطبي المتابع في القضية ” .
كلمة قالها الوزير بنعبد القادر في ندوة صحفية، التي سرعان ما تحولت في ثواني معدودة لمهرجان البهجة والتصفيق من قبل زملاء الصحفية هاجر الريسوني، الذين غادرو الندوة لانتظارها بسجن “العرجات 1” .
هاجر الريسوني : “كنت وما أزال أدافع عن ضرورة احترام الحريات الفردية”
وتقول هاجر الريسوني أنها “تعرضت لظلم كبير من خلال محاضر مزورة وأدلة قال الادعاء العام في بيان إنه يتوفر عليها لكنه لم يدل بها للمحكمة، ولم يرافع أثناء المحاكمة. كنت أنتظر أن يصدر العفو الملكي ليصحح هذا الظلم”.
وتضيف الصحفية في تصريح لـ”أ ف ب” “كنت وما أزال أدافع عن ضرورة احترام الحريات الفردية والحياة الخاصة، خصوصا في ظل إمكانية استعمالها ضد شخصيات عمومية أو نشطاء”.
![]()
وأكدت موقفها “بضرورة احترام الحق في الإجهاض، رغم أنني لم أجهض، لأن المرأة هي الوحيدة التي تملك سلطة التصرف في جسدها”.
وبخصوص دور قضيتها في فتح باب النقاش حول ضرورة حماية الحريات الفردية تقول الريسوني “آمل أن تكون قضيتي قاطرة لرفع التجريم عن العلاقات الرضائية بين البالغين، والمثلية الجنسية، والإفطار العلني في رمضان، وكل الحريات الفردية”.
رئيس الـFMJJ : العفو الملكي أعاد الأمور إلى نصابها في الملف
ومن موقعه كرئيس للمنتدى المغربي للصحفيين الشباب، يقول سامي المودني “منذ البداية أكدنا داخل المنتدى المغربي للصحفيين الشباب أن أساس هذه المحاكمة التي كانت ضحيتها الزميلة هاجر الريسوني ومن معها تستند إلى قوانين تتناقض مع المواثيق والمرجعيات الدولية الضامنة للحريات الفردية” .
وعبر المودني عن ارتياحه بعد العفو الملكي الصادر في حق هاجر الريسوني “ولا يمكن والحالة هاته إلا أن نتلقى بارتياح كبير جدا خبر العفو الملكي على الزميلة هاجر، الذي أعاد الأمور إلى نصابها في الملف” .
![]()
ويضيف رئيس المنتدى لـ”بلبريس” “نتمنى أن يشكل خبر الإفراج على الزميلة هاجر الريسوني فرصة لفتح النقاش مجددا حول قضايا الحريات بشكل عام، لاسيما وأن العديد من الفاعلين الحقوقيين والنشطاء المدنيين أطلقو مبادرات في هذا الصدد والتي لا يمكن إلا أن نكون داعمين لها “.
أما بالنسبة للتشهير الذي طال الصحفية هاجر الريسوني والفاعل الحقوقي رفعت أمين ومن معهم يقول الفاعل المدني “كما نعتقد أن هذا العفو الملكي هو فرصة للجسم المهني الصحفي من أجل فتح نقاش موسع، ما فتئنا نطالب به بشأن احترام أخلاقيات مهنة الصحافة خصوصا وأننا وقفنا على خروقات أخلاقية “مجرمة” بموجب الميثاق الوطني لأخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب في تغطية ملف الزميلة هاجر الريسوني ومن معها “.
رفعت الأمين :”أنا وهاجر نعانق الحرية”
واكتفى الناشط الحقوقي السوداني المتابع في الملف، رفعت الأمين، بتعليق مقتضب حول العفو الصادر ويقول من خلاله “استقبلت خبر العفو الملكي بسعادة والمزيد من السعادة لأنني أنا وهاجر والآخرين نعانق الحرية اليوم ” .
![]()
خالد البكاري : “الملف كان حافلا بالثغرات القانونية والمسطرية”
في حين يعتبر الناشط السياسي والحقوقي، خالد البكاري، “الإفراج عن هاجر الريسوني وخطيبها رفعت الأمين والدكتور بلقزيز، تصحيحا لأخطاء ارتكبتها الأجهزة الأمنية والنيابة العامة والقضاء،، اخطاء تضررت منها حتى صورة الملكية خارجيا، باعتبار ان المؤسسة الملكية كان يتم تسويق صورة في الخارج لها، باعتباره قائدة الحداثة وسط مجتمع محافظ، و باعتبارها حصنا اما تصاعد مد حركات الإسلام السياسي،، وقد تضررت هذه الصورة بسبب توظيف قوانين تعتبر في المجتمعات الديموقراطية خارج اي منطق للحقوق وللتاريخ،، وفي اعتقادي ان مهندسي هذا الملف لم ينتبهوا لقوة اللوبيات الحقوقية والإعلامية الغربية المعنية بالحريات الفردية، خصوصا وان الملف كانت حافلا بالثغرات القانونية والمسطرية” .
![]()
ويعتقد البكاري في تصريح لـ”بلبريس”” ان هذا العفو مناسبة لفتح نقاش دون طابوهات سياسية او أخلاقية حول موضوعين: موضوع تغول جهاز النيابة العامة في علاقته بالأجهزة الأمنية من جهة وفي علاقته باستقلالية القضاء من جهة أخرى، والموضوع الثاني مرتبط بتحديث مدونة القانون الجنائي في اتجاه التوافق مع الحريات والحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.”
دفاع هاجر : “جاء هذا العفو لإعادة الاعتبار لحقوق الإنسان في المغرب”
وعبر محامي هاجر الريسوني، عبد المولى الماروري عن فرحته بهذا الخبر ويقول “خبر العفو هو مفرح جدا أعاد الاعتبار لقضية الحريات في المغرب” معتبرا إياه “رد الاعتبار لهاجر الريسوني ورفعت الأمين الذين عانو من التشهير وإساءة السمعة وعانوا من إجراءات في معضمها خارج المساطر القانونية” يقول دفاع هاجر .
![]()
ويضيف الماروري لـ”بلبريس” “جاء هذا العفو لإعادة الاعتبار لحقوق الإنسان في المغرب ولإعادة تصحيح مسار القضاء ” .
![]()
وخلص المحامي “نحن سعداء بهذا العفو ونثمنه ونتمنى أن يشمل جميع معتقلي الرأي في المغرب”.
سارة سوجار : القوانين التي توبعت بها هاجر متخلفة و لا مكان لها في سياق الحقوق و الحريات
وتقول الناشطة الحقوقية،سارة سوجار، في ذات الموضوع “أكيد ان خبر العفو مفرح جدا و أن تكون هاجر ومن معها خارج السجن شيء جد إيجابي خصوصا وان تلك التهم متخلفة و لا مكان لها في سياق الحديث عن الحقوق و الحريات “.
واستدركت سارة سوجار قائلة “لكن هذا لا يعني أن المتابعات الجنائية في حق أي مغربية و مغربي مازال قائما. وأن وصاية الدولة على حياتنا الخاصة مازالت مستمرة.”
![]()
وطالبت الناشطة الحقوقية في تصريح لـ”بلبريس” بالاستمرار في المطالبة بتغيير كل القوانين التي تضرب الحق في ممارسة الحريات الفردية ، ورفع وصاية الدولة ز تدخلها في حياتنا الخاصة واستعمالها في أي غرض كيفما كان .
وذكرت سوجار بالنشطاء الذين مازالو خلف القضبان، “ولا يمكن أن تتناسى وسط هذه الفرحة أولئك الذين مازالوا في السجن ، والذين مازلنا ننتظر الإفراج عنهم كي يتحقق الإنفراج السياسي و تعم الفرحة الكبرى . إن الحقوق و الحريات لا تتجزأ كما أنها تعتبر اللبنة الأولى و الأساسية لبناء الدولة الديمقراطية”.
يوسف الريسوني : الإفراج على هاجر كان نتيجة التضامن الوطني والدولي
في حين يقول يوسف الريسوني، قريب هاجر، والناشط الحقوقي، مباشرة بعد بلاغ وزارة العدل (يقول) “تلقينا بفرح كبير نبأ الإفراج على هاجر ، والذي أتى نتيجة التضامن الوطني والدولي وتلاحم الجسم الصحفي والحقوقي عموما “.
![]()
ويضيف الريسوني لـ”بلبريس” “يأتى هذا الإفراج على هاجر اليوم بعد نضالات العائلة والجسم الصحفي والمدافعين على حقوق الإنسان” .
دفاع رفعت الأمين :”العفو جاء لينهي الجدل الحقوقي و القانوني الذي صاحب الملف”
ويرى دفاع رفعت الأمين، نوفل البعمري، أن “العفو الملكي الذي أعلن عنه وزير العدل على هامش التحضير لمؤتمر العدالة بالمغرب،يدخل ضمن الاختصاصات الدستورية التي تتيح للملك إصدار عفو خاص في قضايا معينة كحالة الصحفية هاجر الريسوني و الناشط الحقوقي رفعت الأمين و من معهما،و هو عفو جاء لينهي الجدل الحقوقي و القانوني الذي صاحب الملف.”
![]()
ويضيف البعمري لـ”بلبريس” أن ” العفو الخاص الذي تمتعوا به هو عفو سيفتح الباب أمام النقاش الذي فجره الملف، و هو المتعلق بتعديل مجموعة القانون الجنائي خاصة منها ما يتعلق بالضمانات المتعلقة بحماية حقوق و حريات الأفراد و تعزيز التدابير الوقائية المتعلقة بضمانات الحضور و بالسراح المؤقت خاصة في الجرائم التي لا تشكل أي تهديد أو خطر على الدولة و المجتمع و تكون ذي طبيعة شخصية و فردية” .
بلاغ وزارة العدل أعاد “الثقة”
وأصدر الملك محمد السادس ، عفوه على هاجر الريسوني التي سبق أن صدر في حقها حكم بالحبس.
وفي ما يلي بلاغ وزارة العدل بهذا الخصوص :
” أصدر صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، عفوه الكريم على الآنسة هاجر الريسوني التي صدر في حقها حكم بالحبس والتي ما تزال موضوع متابعة قضائية .
ويندرج هذا العفو الملكي السامي في إطار الرأفة والرحمة المشهود بها لجلالة الملك ، وحرص جلالته على الحفاظ على مستقبل الخطيبين اللذين كانا يعتزمان تكوين أسرة طبقا للشرع والقانون ، رغم الخطأ الذي قد يكونا ارتكباه ، والذي أدى إلى المتابعة القضائية .
وفي هذا السياق، فقد أبى جلالته إلا أن يشمل بعفوه الكريم أيضا كلا من خطيب هاجر الريسوني والطاقم الطبي المتابع في هذه القضية.
أبقى الله سيدنا المنصور بالله ذخرا وملاذا لهذه الأمة، وأدام له النصر والتمكين، وأقر عينه بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة إنه سميع مجيب، والسلام”.
![]()
الأحكام الصادرة على هاجر الريسوني ومن معها
وكانت المحكمة الابتدائية بالرباط، قد قضت قبل أيام بسجن الصحافية هاجر الريسوني لمدة عام بعد إدانتها بتهمة “الإجهاض غير القانوني”و”ممارسة الجنس خارج إطار الزواج”.
سجن الصحافية هاجر الريسوني ذات 28 عاما لمدة عام بتهمة “الإجهاض غير القانوني” و”ممارسة الجنس خارج إطار الزواج” .
![]()
وحكم على الطبيب النسائي الذي قام بعملية الإجهاض بالسجن مدة عامين وكانت السلطات قبضت عليه وحوكم في الوقت نفسه، كما قررت المحكمة السجن سنة واحدة لخطيبها. وحكم على طبيب التخدير بالسجن مدة عام مع وقف التنفيذ، كما أصدرت المحكمة قرارا بسجن موظفة ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ.