واشنطن بوست: ترامب يلعب بالنار بإرساله قوات المارينز إلى شوارع أمريكا

في مقال رأي بصحيفة "واشنطن بوست"، حذر المعلق ماكس بوت من أن الرئيس دونالد ترامب "يلعب بالنار" بإرساله قوات المارينز إلى مدينة لوس أنجلوس، مشدداً على أن استخدام الجيش للتعامل مع الأحداث المحلية ليس قراراً صائباً، وأن ضبط النفس هو ما تحتاجه المدينة حالياً.

ويرى بوت أن تاريخ الولايات المتحدة يفرض على أي رئيس توخي الحذر والتعقل قبل إرسال قوات، سواء كانت من الحرس الوطني أو الجيش النظامي، لقمع اضطرابات داخلية. ويستشهد بتاريخ طويل من المآسي التي نتجت عن مثل هذه القرارات، بدءاً من "مذبحة بوسطن" عام 1770، حين أدى انتشار الجنود البريطانيين إلى إشعال الثورة الأمريكية بدلاً من إخمادها.

وعلى مر القرون، استُخدمت القوات الأمريكية داخلياً لأغراض متباينة، لكن الحالات التي استُخدم فيها الجنود للسيطرة على الجماهير أدت غالباً إلى كوارث مروعة، مثل "مذبحة لودلو" عام 1914، والهجوم على قدامى المحاربين في "جيش العلاوات" عام 1932، وإطلاق النار على الطلاب في جامعة "كينت" عام 1970.

ويخلص بوت إلى أن هذا التاريخ يكشف أن ترامب يتجاهل الدروس عمداً من خلال "تأميمه" للحرس الوطني وإرسال القوات إلى لوس أنجلوس للتعامل مع الاحتجاجات التي اندلعت على خلفية حملات إدارته ضد المهاجرين. وبدلاً من توخي الحذر، يبدو ترامب، بحسب الكاتب، "متلهفاً لإثارة الصدام".

ويصف بوت خطاب ترامب بالتحريضي والناري، حيث زعم في منشور له أن لوس أنجلوس "غزاها واحتلها مهاجرون غير شرعيين ومجرمون"، موجهاً السلطات الفيدرالية "لتحريرها". ويرى الكاتب أن هذا الخطاب لا أساس له من الصحة، فالواقع يشير إلى أن معدلات عبور الحدود غير الشرعية في أدنى مستوياتها منذ عقود، كما أن جرائم العنف تتراجع في جميع أنحاء البلاد، بما فيها لوس أنجلوس.

ويشير الكاتب إلى أن "حالة الطوارئ" الوحيدة هي تلك التي خلقتها إدارة ترامب نفسها بإلزامها هيئة الهجرة والجمارك بتنفيذ 3000 اعتقال يومياً، وهو ما دفعها إلى استخدام القوة ضد عمال يبحثون عن لقمة عيشهم، مما أثار احتجاجات كان من المتوقع أن تتأجج مع إرسال الحرس الوطني.

ويذكر بوت أن هذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها ترامب نشر الجيش، فخلال احتجاجات 2020 التي أعقبت مقتل جورج فلويد، حث كبار قادته العسكريين على "كسر جماجم المتظاهرين" وسأل عما إذا كان يمكن إطلاق النار عليهم، لكنه قوبل برفض قاطع من وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي آنذاك.

ويفسر هذا التاريخ، بحسب بوت، سبب حرص ترامب هذه المرة على تعيين مسؤولين اعتبرهم أكثر طاعة، مثل وزير الدفاع بيت هيغسيث، مذيع قناة "فوكس نيوز"، الذي بدا مستعداً لتنفيذ رغبات الرئيس. ولم يتردد هيغسيث في إعلان حشد الحرس الوطني، بل والتلويح بنشر قوات المارينز إذا استمر العنف، في خطوة يراها الكاتب محاولة لاستعادة ثقة الرئيس المهتزة به.

وفي ختام مقاله، يضع ماكس بوت المسؤولية على عاتق الجنود وقادتهم الميدانيين لضمان عدم انتهاك حقوق المواطنين التي أقسموا على حمايتها، وضمان ألا يؤدي وجودهم في الشوارع إلى زيادة تدهور الوضع، ليصبحوا مجرد "بيادق سياسية" في أزمة تسعى الإدارة لإثارتها.