أفادت مصادر خاصة لـ”بلبريس” أن تداعيات تشكيل المكتب السياسي الجديد لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بدأت تتجاوز حدود الجدل الداخلي، لتفتح الباب أمام سيناريوهات سياسية جديدة، من بينها احتمال مغادرة عدد من الوجوه الاتحادية التي جرى إقصاؤها من القيادة الحزبية، والالتحاق بأحزاب أخرى خلال المرحلة المقبلة.
وحسب المعطيات المتوفرة، فإن عددا من القيادات والمنتخبين الغاضبين من تركيبة المكتب السياسي، كما أفرزها المؤتمر الأخير، يدرسون خيارات سياسية بديلة، من ضمنها التوجه نحو حزب الاستقلال أو الاتحاد الدستوري، بحثا عن ضمانات للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة سنة 2026، في ظل ما يعتبرونه انسدادا في الأفق داخل حزبهم.
ويأتي هذا التطور في سياق انقسام واضح داخل الاتحاد الاشتراكي بخصوص لائحة المكتب السياسي الجديدة وصيغة المصادقة عليها خلال الدورة الأولى للمجلس الوطني، التي انعقدت عن بعد نهاية الأسبوع المنصرم، مباشرة بعد تجديد الثقة في إدريس لشكر كاتبا أول للحزب لولاية رابعة، وهذا الانقسام عكس غياب توافق داخلي حول المسار التنظيمي الذي يسلكه الحزب في المرحلة الراهنة.
وأثار تغييب أسماء وازنة اعتادت الحضور في القيادة الوطنية لحزب “الوردة” موجة واسعة من الانتقادات في أوساط الاتحاديين، حيث اعتبر فريق أن اللائحة الجديدة تعكس منطق التعيين وتؤشر على حالة من الارتباك التنظيمي، في مقابل رأي آخر دافع عن الخطوة باعتبارها جزءا من دينامية تجديد النخب وضخ دماء جديدة في هياكل الحزب.
ومنذ إعادة انتخاب إدريس لشكر خلال المؤتمر الوطني الثاني عشر، يعيش الحزب على وقع نقاش محتدم حول مسألة التداول الديمقراطي على المسؤولية، وسط اتهامات متزايدة بضعف الديمقراطية الداخلية داخل أحد أعرق التنظيمات السياسية بالمغرب، وهو نقاش لم تهدأ حدته مع الإعلان عن المكتب السياسي الجديد.
وفي هذا السياق، اعتبر مصدر حزبي تحدث لـ”بلبريس” أن الجدل الحالي ليس سوى امتداد لاختلالات أعمق في طريقة تدبير الحزب، مشيرا إلى أن منطق التعيين بات هو الغالب على حساب آليات الانتخاب، سواء خلال المؤتمر أو في أشغال المجلس الوطني. ووصف المصدر الممارسة التنظيمية داخل الحزب بأنها “بعيدة عن أبسط قواعد الديمقراطية الداخلية والتداول المسؤول على القيادة”.
وأوضح المصدر ذاته أن “عقد الدورة الأولى للمجلس الوطني عن بعد، في ظرفية لا تستدعي ذلك، لا يمكن فهمه إلا في إطار تمرير تركيبة المكتب السياسي كما اقترحها الكاتب الأول”، معتبرا أن “هذا الأسلوب يطرح علامات استفهام جدية حول واقع الديمقراطية داخل الحزب ومستقبل مؤسساته التقريرية”.
وفي ردّه على الأصوات التي روجت لكون اللائحة الجديدة تعكس حيوية الحزب وتجديد نخبته السياسية، شدد المصدر على أن “عددا من الأسماء التي تم إدراجها لا تمتلك، ارتباطا فعليا بالحزب أو مسارا تنظيميا يؤهلها لتحمل مسؤوليات قيادية بهذا المستوى”.
وسجل المتحدث أن “من تقاليد الاتحاد الاشتراكي أن تكون قياداته الوطنية معروفة لدى مناضليه، مبرزا أن ما جرى اليوم يمثل قطيعة مع هذا العرف، من خلال الدفع بأسماء غير مألوفة داخل التنظيم إلى مواقع القرار، وهو ما عمّق منسوب الاحتقان الداخلي”.
وختم المصدر بالتأكيد على أن “الكاتب الأول يسعى، عبر هذه الاختيارات، إلى إحكام السيطرة على الحزب وإفراغه من أي صوت معارض أو رأي مخالف، معتبرا في الآن نفسه أن جزءا من المسؤولية يتحمله مناضلو الحزب أنفسهم، بسبب صمتهم وتراجعهم عن لعب أدوارهم النقدية داخل التنظيم، وترك المجال أمام الكاتب الأول ومقربيه”.