“البيجيدي”يرفض دعم جمهورية القبايل ويطالب بسحب مشروع مجلس الصحافة

عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعها العادي، برئاسة الأمين العام عبد الإله ابن كيران، خُصص أساساً لمناقشة محاور ومضامين التقرير السياسي المرتقب عرضه على المجلس الوطني للحزب منتصف يناير المقبل، في سياق وطني موسوم بتراكم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية، وتزايد الانتقادات الموجهة لأداء الحكومة في عدد من الملفات الحيوية.

وتوقفت الأمانة العامة عند الفواجع الإنسانية التي عرفتها مدينتا فاس وآسفي، معربة عن تعازيها لأسر الضحايا، ومشددة في الوقت ذاته على ضرورة تحمّل الحكومة والسلطات العمومية لمسؤولياتها الكاملة، ليس فقط عبر الاستجابة الآنية، ولكن من خلال المعالجة الجذرية لأسباب تكرار مثل هذه الكوارث.

وفي هذا السياق، نوه الحزب بتوجيهات الملك بإطلاق برنامج لإعادة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات بآسفي، داعياً الحكومة إلى التنفيذ السريع والناجع لهذه التعليمات، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون تأخير أو تمييز.

وعبّرت الأمانة العامة عن قلقها من تواتر حوادث انهيار البنايات الآيلة للسقوط، خاصة بمدينة فاس، معتبرة أن الأمر يكشف اختلالات بنيوية في منظومة المراقبة والتعمير. ودعت الحكومة إلى تجاوز المعالجات الظرفية، والإسراع بوضع استراتيجية وطنية شاملة للتجديد الحضري، مع ترتيب المسؤوليات والمحاسبة عند التقصير، بما يضمن سلامة المواطنين وحقهم في السكن الآمن.

واستحضرت الأمانة العامة مصادقة البرلمان على القوانين المؤطرة للانتخابات التشريعية المقبلة، مجددة دعوتها للحكومة، وعلى رأسها وزارة الداخلية، إلى جعل هذا الاستحقاق محطة حقيقية لمصالحة المغاربة مع السياسة، عبر ضمان النزاهة والشفافية واحترام إرادة الناخبين. واعتبر الحزب أن أي إخلال بهذه المبادئ من شأنه تعميق أزمة الثقة في المؤسسات، في وقت تواجه فيه البلاد تحديات كبرى، من بينها ملف الوحدة الترابية والاستجابة للانتظارات الاجتماعية المتزايدة.

وفي لهجة نقدية واضحة، جددت الأمانة العامة مطالبتها بسحب مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة في صيغته الحالية، معتبرة أنه يكرس منطق التحكم ويهدد حرية الصحافة والتعبير. ودعت إلى فتح حوار وطني جاد مع مهنيي القطاع، من أجل إخراج منظومة قانونية تضمن استقلالية المهنة وأخلاقياتها، بدل ما وصفته بتحويل جزء من المشهد الإعلامي إلى أداة للتشهير والابتزاز والقتل المعنوي.

كما وجّه الحزب انتقادات حادة لأداء الحكومة في مجال محاربة الفساد، رغم إطلاق الاستراتيجية الخماسية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة. وسجل أن هذه الاستراتيجية ما تزال دون تفعيل حقيقي، في ظل ما وصفه بتصاعد مؤشرات الفساد وتنازع المصالح واستغلال النفوذ، وهو ما انعكس سلباً على صورة المغرب دولياً، بعد تراجع ترتيبه في مؤشر إدراك الفساد لسنة 2025.

ولم تُخفِ الأمانة العامة استغرابها مما اعتبرته استمراراً للتشريع على المقاس والاستجابة للوبيات الريع، مستشهدة بتمديد الإعفاءات الضريبية عند استيراد الأبقار والجمال، رغم الكلفة المالية الكبيرة التي تتحملها الميزانية العامة، ومخالفة ذلك لمبادئ الإصلاح الجبائي. كما انتقدت ما وصفته بالارتباك في تدبير ملف المنشآت الرياضية، نتيجة تضارب الأدوار بين الحكومة والجماعات الترابية، بما يهدد بهدر الموارد وتجاوز الاختصاصات القانونية.

وبعد بسط مواقفها من القضايا الوطنية، انتقلت الأمانة العامة إلى الشأن الدولي، مؤكدة مركزية القضية الفلسطينية في وجدان الحزب والمغاربة، ومنددة باستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وكل فلسطين، وما يرافقه من قتل وحصار وتجويع. وحمّلت المسؤولية القانونية والأخلاقية للدول الراعية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، مجددة رفضها القاطع لكل أشكال التطبيع، ومحذرة من مخاطر الاختراق الإسرائيلي لمختلف المجالات داخل البلاد.

كما عبّر الحزب عن شجبه القوي لإعلان ما يسمى “جمهورية القبائل الاتحادية”، مؤكداً موقفه المبدئي الرافض لكل أشكال التقسيم والانفصال، والداعي إلى احترام وحدة الدول وسيادتها، باعتبار ذلك مدخلاً أساسياً لاستقرار المنطقة وخدمة مصالح شعوبها.

وفي ختام بلاغها، أبرزت الأمانة العامة الدينامية التنظيمية التي يشهدها الحزب، معتبرة أنها تعكس عودة تدريجية للحضور السياسي والتعبئة الداخلية، في أفق الاستعداد للاستحقاقات المقبلة، ومواصلة ما وصفته بالنضال السياسي دفاعاً عن قضايا الوطن والمواطنين.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *