الداخلية تُعلن الحرب على “الموظفين الأشباح” وتسترجع العشرات

في خطوة غير مسبوقة لضبط الانفلات الإداري، شرعت وزارة الداخلية، عبر الولايات والعمالات، منذ الأسبوع الماضي، في تنفيذ حملة واسعة لاسترجاع “الموظفين الأشباح” الذين ظلوا لسنوات يتقاضون أجورهم من ميزانية الدولة دون الالتحاق الفعلي بمقرات عملهم.

مصادر مطلعة كشفت أن عدد هؤلاء الموظفين يقدَّر بالعشرات، بعضهم من ذوي الامتيازات الخاصة أو من المحسوبين على مسؤولين نافذين، فيما يضمّ آخرون زوجات وأقارب شخصيات محلية بارزة. وقد شرع عدد منهم فعلاً في العودة إلى مكاتبهم وتوقيع ورقة الحضور أو استعمال تقنية “البوانتاج” لإثبات التزامهم اليومي.

غير أن الحملة لم تمرّ بهدوء، إذ واجهت السلطات الترابية مقاومة من بعض الموظفين الذين حصلوا على مناصبهم عن طريق المحسوبية، ورفضوا الالتحاق بعملهم، مفضلين البقاء في منازلهم أو خارج أرض الوطن. أمام هذا التمرد الإداري، وجّه الولاة والعمال استفسارات رسمية للمخالفين كمرحلة أولى، على أن تُتخذ في حقهم إجراءات تأديبية لاحقة قد تصل إلى توقيف الأجور أو الفصل النهائي.

الدورية الأخيرة التي عممتها الإدارة المركزية للوزارة شددت على ضرورة القضاء على ظاهرة “الأشباح” داخل الجماعات الترابية، معتبرة أن استمرارها يمس بمصداقية المرفق العمومي ويُبدّد موارد مالية مهمة من الميزانية العامة.

وقد دخل الولاة والعمال في سباق مع الزمن لمحاصرة الظاهرة، خاصة بعد تفويض الوزارة لهم صلاحيات واسعة في تدبير الموارد البشرية، تشمل الترسيم والترقية ومعالجة الوضعيات الإدارية للموظفين. هذا التفويض يأتي في إطار سياسة جديدة تهدف إلى عقلنة تدبير الكفاءات المحلية وتحسين أداء الإدارة الترابية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

ورغم النجاحات الأولية المسجلة في استرجاع عدد من “الأشباح”، لا يزال رؤساء مجالس إقليمية ومحلية متهمين بالتستر على موظفين غائبين عن مهامهم، بدافع الولاءات الحزبية أو تبادل المصالح الشخصية. وتشير معطيات متقاطعة إلى أن مئات الموظفين الأشباح ما زالوا يتقاضون أجورهم دون أداء أي عمل فعلي، في وقت تطمح فيه وزارة الداخلية إلى إنهاء هذه الظاهرة المزمنة التي تُثقل كاهل الدولة وتضرب في العمق مبادئ النزاهة والنجاعة الإدارية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *