الحو: القرارات الملكية بالمجلس الوزاري دشنت مرحلة إصلاح عميقة

جاء المجلس الوزاري الذي ترأسه جلالة الملك محمد السادس، يوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بالقصر الملكي بالرباط، ليشكل لحظة مفصلية في مسار الإصلاح الوطني، ومناسبة لتجسيد رؤية ملكية شاملة، تمزج بين العمق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وتجيب، في الآن ذاته، عن كل الأسئلة التي كانت مطروحة خلال الأسابيع الأخيرة حول توجهات الدولة في المرحلة المقبلة.

وفي تصريح خص به بلبريس، قال الخبير في القانون الدولي صبري الحو، إن المجلس الوزاري عكس بوضوح “الجواب الملكي العملي” على الانتظارات الشعبية التي أعقبت خطاب افتتاح الدورة التشريعية، والذي اكتفى فيه جلالته بالإشارة إلى أن “لكل مقام مقال”، مفسحا المجال أمام هذا الاجتماع ليكون الإطار الفعلي لتحديد أولويات الدولة وخياراتها المستقبلية.

وأوضح الحو أن البلاغ الصادر عن الديوان الملكي تضمّن إشارات دقيقة إلى تحول نوعي في منطق تدبير السياسات العمومية، إذ لم يقتصر على اتخاذ قرارات ظرفية أو ترقيعية، بل قدّم خطة متكاملة ومهيكلة تعكس تصورا فلسفيا عميقا، يقوم على مبدأ العدالة الاجتماعية والمجالية، وإعادة بناء مؤسسات قوية قادرة على ضمان التوازن بين مختلف الفئات.

وأضاف أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 الذي شكّل محور العرض المقدم أمام جلالة الملك، أتى ليترجم بوضوح التوجيهات الملكية في الخطابين الأخيرين، إذ ركّز على الأوراش الكبرى ذات البعد الاستراتيجي، وفي مقدمتها التشغيل والتعليم والصحة، مبرزا أن الرؤية الملكية تميل نحو تحقيق توازن بين متطلبات النمو الاقتصادي والحماية الاجتماعية، من خلال تعزيز الطلب الداخلي، وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية، ومواصلة تنزيل ورش الحماية الاجتماعية والدعم المباشر للأسر.

وأشار الخبير إلى أن فئة الشباب كانت حاضرة بقوة في النقاشات والقرارات التي شهدها المجلس، سواء على مستوى تشغيلهم أو إشراكهم في الحياة السياسية، إذ نص البلاغ على آلية غير مسبوقة لدعم المترشحين الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 سنة، عبر تحمل الدولة لما يصل إلى 75 في المئة من مصاريف حملاتهم الانتخابية، وهو ما يعكس إرادة ملكية صريحة لإعادة الثقة في العمل السياسي وتجديد النخب.

كما لفت إلى أن النساء بدورهن استفدن من مقاربة تمييز إيجابي واضحة، من خلال تخصيص الدوائر الجهوية الانتخابية حصريا لهن، بما يضمن حضورا وازنا داخل المؤسسة النيابية، ويكرس مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين في تدبير الشأن العام.

ويرى الحو أن المجلس الملكي شكّل بداية فعلية لمرحلة جديدة عنوانها “مغرب الصعود”، تقوم على إصلاحات مؤسساتية واقتصادية متكاملة، وتنتقل من منطق التدبير بالأزمات إلى منطق التخطيط الاستباقي، حيث جاءت القرارات الملكية لتضع معالم مشروع وطني طموح يقوم على تنمية شاملة، وتوازن اجتماعي حقيقي، وتمكين فئات الشباب والنساء من المشاركة في صناعة المستقبل الوطني.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *