في خطوة تهدف إلى الحد من الخصاص المزمن الذي تعاني منه منظومة التربية والتكوين، أقدمت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على تقييد مسطرة “التوقيف المؤقت عن العمل” أو ما يُعرف بالاستيداع، من خلال مذكرة تنظيمية جديدة حدّدت بشكل صارم الحالات المسموح لها بالاستفادة من هذا الإجراء الإداري.
المذكرة، التي عممتها الوزارة على مختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، حصرت الاستفادة من الاستيداع في ثلاث حالات فقط، عوض الصيغة المفتوحة التي كانت معتمدة سابقًا. ويأتي هذا القرار في سياق مساعي الوزارة إلى ضمان استقرار الموارد البشرية وتوفير الأطر التربوية اللازمة لسد الخصاص المتزايد الذي تعرفه المؤسسات التعليمية في مختلف الجهات.
وحسب المذكرة، فإن الحالات التي يحق لها تقديم طلب الاستيداع، إصابة أحد أفراد الأسرة بحالة صحية خطيرة: ويقصد بذلك إصابة الزوج أو الزوجة أو أحد الأبناء بحادثة خطيرة أو مرض خطير، يتطلب متابعة مستمرة، على أن يُرفق الطلب بشهادة طبية مصادق عليها من طرف المصالح المختصة بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
أما الحالة الثانيةفهي الالتحاق بالزوج أو الزوجة، حيث تخص هذه الحالة الموظفين الذين يضطر أحد الزوجين بسبب ظروف عمله إلى الإقامة في مكان بعيد عن مقر عمل الطرف الآخر. ويُشترط تقديم نسخة مصادق عليها من عقد الزواج، إضافة إلى شهادة عمل حديثة العهد للزوج أو الزوجة.
وفيما يتعلق بالحالة الثالثة فتتعلق ب,”تربية الأبناء دون سن الخامسة أو في حالة عجز”، وهذه الحالة مخصصة فقط للنساء الموظفات، وتشمل الأمهات اللواتي يرغبن في التفرغ لتربية طفل يقل عمره عن خمس سنوات، أو في حال كان الطفل مصابًا بعاهة تستدعي عناية طبية دائمة. ويجب إرفاق الطلب بعقد ازدياد الطفل أو شهادة طبية مصادق عليها تثبت الحالة الصحية للولد.
شددت الوزارة في مذكرتها على ضرورة احترام مسطرة تقديم طلبات الاستيداع، حيث يتعين على الراغبين في الاستفادة توجيه الطلب إلى مديري الأكاديميات الجهوية تحت إشراف السلم الإداري، وذلك خلال الفترة الممتدة من 3 إلى 14 نونبر 2025. كما أكدت على ضرورة إرفاق الوثائق المطلوبة لكل حالة بشكل دقيق لتفادي رفض الطلب.
تجدر الإشارة إلى أن نظام الوظيفة العمومية يتيح للموظف إمكانية التوقف المؤقت عن العمل لأسباب شخصية أو صحية أو دراسية دون أن يفقد صفته كموظف. إلا أن تقييد وزارة التربية الوطنية لهذا الحق يأتي في إطار إجراءاتها التنظيمية الرامية إلى تحقيق نوع من التوازن داخل المنظومة التربوية، وضمان استمرار العملية التعليمية دون انقطاع بسبب الغيابات الطويلة.بين مقاربة التدبير العقلاني للموارد البشرية وضمان الحقوق الاجتماعية للموظفين.
ويبدو أن وزارة التربية الوطنية اختارت إرساء نوع من الانضباط في مسطرة الاستيداع، في وقت تواجه فيه تحديات كبرى تتعلق بالنقص الحاد في الأطر التربوية، خاصة بالمناطق النائية. ويبقى التوفيق بين مصلحة المرفق العمومي وحقوق الموظفين هو الرهان الحقيقي لهذه الإجراءات.