توسع الأفوكادو بالمغرب يحقق الملايين ويثير القلق

كشفت بيانات حديثة صادرة عن منصة “The African Exponent” أن المغرب يواصل تعزيز مكانته في سوق إنتاج وتصدير فاكهة “الأفوكادو”، حيث حلّ في المرتبة الثالثة إفريقيًا بعد كينيا وإثيوبيا. ويأتي هذا الترتيب في وقت تشهد فيه القارة الإفريقية نموًا ملحوظًا في إنتاج هذه الفاكهة، مدفوعًا بزيادة الطلب العالمي والتوسع الزراعي المتسارع.

ورغم موجات الحرارة الشديدة التي عرفها صيف 2025، والتي أبقت مهنيي القطاع في حالة ترقّب، فإن موسم 2024/2025 كان استثنائيًا بالنسبة للمغرب، حيث تجاوز الإنتاج حاجز 130 ألف طن من الأفوكادو، مقارنة بـ118,666 طناً فقط في الموسم السابق. هذا الارتفاع في الإنتاج انعكس مباشرة على مستوى العائدات التصديرية التي بلغت 179 مليون دولار، مسجلة بذلك قفزة مهمة مقارنة بـ128 مليون دولار في السنة السابقة.

وفي المقابل، تصدرت كينيا الترتيب القاري بإنتاج ناهز 542,278 طناً، ما جعلها أول منتج إفريقي وسادس أكبر منتج عالميًا، تلتها إثيوبيا، التي أعلنت عن خطط طموحة لتوسيع المساحات المزروعة بالأفوكادو بمعدل خمسة أضعاف بحلول عام 2030، بدعم حكومي مباشر.

بحسب نفس المصدر، فقد بلغ الإنتاج الإجمالي لأكبر عشر دول إفريقية منتجة للأفوكادو ما يفوق 1.3 مليون طن في موسم 2023/2024. وتشير التوقعات إلى أن معدل نمو هذا القطاع في إفريقيا سيتراوح بين 8 و12% مع نهاية 2025، مدعومًا بتحسين المردودية، وتوسيع الرقعة المزروعة، والتوسع في أسواق التصدير.

ويتميز المغرب بمقاربة متفردة في هذا المجال، تجمع بين التوسع الزراعي المدروس، وتحسين الإنتاجية، والتموقع الاستراتيجي في الأسواق الخارجية، خاصة في أوروبا. فقد قفزت الصادرات المغربية من 60,000 طن في موسم 2023/2024 إلى أكثر من 100,000 طن في موسم 2024/2025، متجاوزة جنوب إفريقيا، وهو ما يجعل المملكة ثاني أكبر مُصدّر للأفوكادو في إفريقيا.

ويعود هذا النمو بالأساس إلى ارتفاع المساحات المزروعة، التي انتقلت من حوالي 4,000 هكتار سنة 2018 إلى 12,000 هكتار بحلول 2023/2024، بزيادة تُعادل ثلاثة أضعاف. وقد استفادت هذه المساحات من ظروف مناخية مواتية، خاصة في مناطق مثل سهول الغرب، مما ساهم في تسجيل إنتاج قياسي غير مسبوق.

على صعيد التصدير، يظل السوق الأوروبي الوجهة الأولى للأفوكادو المغربي، حيث تُوجّه أكثر من 80% من الشحنات إلى دول مثل إسبانيا وفرنسا وهولندا. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تسارعًا في وتيرة تنويع الأسواق، مع تسجيل زيادات كبيرة في صادرات المغرب نحو سويسرا (1.5 مرة)، وبلجيكا (6 مرات)، والبرتغال (11 مرة). كما تم فتح أسواق جديدة في كندا، وتركيا، وبولندا، وأوكرانيا، واليونان، وماليزيا، وسلطنة عمان.

ويُعزى هذا النجاح التصديري جزئيًا إلى القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، وأوقات العبور التنافسية، والاتفاقيات الجمركية التفضيلية، التي تمنح المغرب ميزة لوجستية وتجارية واضحة.

غير أن هذا الصعود اللافت يخفي خلفه تحديات بنيوية بدأت في الظهور. فقد أدى فائض الإنتاج خلال موسم 2024/2025 إلى انخفاض أسعار البيع بنسبة تصل إلى 35%، ما دفع بعض المنتجين إلى التخلي عن جزء من محاصيلهم دون جنيها، ترقُّبًا لتحسن الأسعار. كما أن الضغوط البيئية بدأت تثير قلقًا واسعًا، خصوصًا في ظل ما تعرفه المملكة من شحّ مائي وجفاف مزمن، علماً أن زراعة الأفوكادو تُعد من الزراعات المُستهلكة بكثافة للمياه.

في هذا السياق، دعت أصوات مهنية، منها الجمعية المغربية للأفوكادو، إلى ضرورة الانتقال نحو نموذج إنتاجي أكثر ذكاءً واستدامة، يعتمد على التخطيط المحكم، وترشيد استغلال الموارد، وتوجيه الصادرات وفق معايير الجودة، بما يضمن ديمومة هذا القطاع الواعد على المدى الطويل.

ويبدو أن نجاح المغرب في تحقيق إنتاج تجاوز 130 ألف طن وعائدات قاربت 179 مليون دولار، ما هو إلا مرحلة انتقالية في مسار تحوّل أوسع، يتطلب يقظة مستمرة لمواجهة تحديات السوق العالمية، وضغوط البيئة، وضمان الأمن المائي، من أجل الحفاظ على موقع المغرب ضمن كبار منتجي ومصدّري هذه الفاكهة ذات القيمة العالية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *