كشف الائتلاف المدني من أجل الجبل عن ورقة ترافعية جديدة تدعو إلى تبني سياسة عمومية منصفة ومندمجة للمجالات الجبلية في المغرب، مؤكدا أن هذه المجالات، التي تغطي زهاء ربع التراب الوطني وتضم ملايين السكان، ما تزال تعاني اختلالات هيكلية تعمق الفوارق المجالية.
وتعرض الورقة تشخيصا لوضع الجبل يبرز ضعف البنيات التحتية، وتدني خدمات الصحة والتعليم، وصعوبة الولوج إلى الماء والكهرباء والتطهير، إضافة إلى العزلة الموسمية واستغلال الموارد الطبيعية دون عوائد منصفة للسكان المحليين.
ولمعالجة هذا الواقع، توصي الوثيقة بإحداث هيئة وطنية لتنمية المناطق الجبلية بميزانية مستقلة وصلاحيات تنسيقية واسعة، إلى جانب مجلس استشاري يضم خبراء وممثلين عن المجتمع المدني والمنتخبين لتتبع تنفيذ السياسات وتقييم أثرها ميدانيا.
اقتصاديا، تقترح الورقة نموذجا تنمويا مستداما يرتكز على السياحة الإيكولوجية ومسارات ومآوٍ تحترم البيئة، وتثمين المنتوجات المحلية، ودعم الفلاحين الصغار، وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة، مع ربط ذلك بحماية المعارف المحلية وتثمينها.
وفي الشق المالي، تدعو إلى إنشاء صندوق لتنمية الجبل يمول بمساهمة من الميزانية العامة ورسوم على الشركات المستغلة للموارد داخل هذه المجالات، مع تحفيزات ضريبية للمقاولات التي تستثمر في الجبل وتخفيف العبء الجبائي عن الساكنة.
وتبرز الورقة الحاجة إلى إطار قانوني خاص يمنح للجبل خصوصية مجالية واضحة، ويقر تمييزا إيجابيا في الاستثمار العمومي، إلى جانب تبسيط مساطر تسوية وضعية الأراضي السلالية بما يضمن حقوق ذويها ويتيح تنفيذ المشاريع في آجال معقولة.
وعلى المستوى الاجتماعي والخدماتي، توصي بتعزيز المدارس الجماعاتية والداخليات، وخلق نواة جامعية متخصصة في قضايا الجبل، وتحسين العرض الصحي عبر مستشفيات إقليمية وتجهيزات ملائمة وتطوير النقل الصحي الجوي، فضلا عن إنشاء طرق جبلية بمواصفات خاصة ودراسة حلول النقل المعلق لخدمة الدواوير النائية.
وتختتم الوثيقة بدعوة صريحة إلى اعتماد هذه المداخل كخارطة طريق لسياسة عمومية مندمجة تعالج الهشاشة وتحقق العدالة المجالية، بما يعيد الثقة في الفعل العمومي ويطلق دينامية تنموية مستدامة في ربوع المغرب الجبلي.