في خطوة تشريعية لافتة، وضع الفريق الحركي بمجلس النواب مقترح قانون يروم إحداث “مؤسسة الأعمال الاجتماعية للصحافة والإعلام”، في محاولة لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والمهنية الهشة التي تطبع واقع عدد كبير من العاملين في القطاع الإعلامي، سواء في الصحافة العمومية أو الخاصة أو الرقمية.
المقترح الذي وضعه نواب الفريق الحركي يعتبر أن استقرار الصحافي المهني شرط أساسي لضمان جودة الممارسة واستقلاليتها، انطلاقاً من أن الإعلام يشكل ركيزة للديمقراطية وأداة مركزية لبناء الثقة بين الدولة والمواطن. لذلك يقترح إحداث مؤسسة اجتماعية مستقلة، غير ربحية، تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي، ويكون مقرها العاصمة الرباط، وتُعنى بتقديم خدمات شاملة للصحافيين المهنيين والعاملين في المؤسسات الإعلامية، وللمتقاعدين من القطاع وأسر الراحلين منهم.
الوثيقة التي أودعت بمكتب مجلس النواب توضح أن المؤسسة ستوفر دعماً في مجالات متعددة، أبرزها التأمين الصحي التكميلي، الولوج إلى السكن، التكوين المستمر، التأهيل المهني، وتنظيم الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية، إضافة إلى تقديم قروض اجتماعية وإعانات مالية لتغطية مصاريف التعليم والحج، ودعم أسر المنخرطين المتوفين، خاصة الأرامل والأيتام، مع إحداث مرافق مخصصة للخدمات الاجتماعية.
من الناحية الإدارية، يقترح النص أن تضم المؤسسة مجلساً إدارياً يترأسه ممثل عن الحكومة، إلى جانب ممثلين عن وزارات الاتصال، المالية، الصحة، الثقافة، التضامن، والشباب، بالإضافة إلى ستة أعضاء منتخبين من القطاع الإعلامي، وعضوين يمثلان أبرز الهيئات المهنية. وتخول صلاحية تسيير المؤسسة لمدير عام يتم تعيينه حسب القوانين الجاري بها العمل، ويتولى تدبير الشؤون اليومية وتنفيذ قرارات المجلس.
أما على مستوى الموارد، فستعتمد المؤسسة على مساهمات الدولة، وانخراطات العاملين في القطاع، والدعم المالي من المؤسسات الإعلامية، فضلاً عن مداخيل أنشطتها، والهبات والتبرعات، وكل أشكال الدعم المتاحة. كما ينص المقترح على إخضاع المؤسسة لرقابة مفتشية المالية، والمجلس الأعلى للحسابات، إلى جانب تدقيق محاسباتي سنوي ينجزه مكتب خارجي لمدة ثلاث سنوات.
ويُلزم المقترح الحكومة باتخاذ الإجراءات الضرورية خلال أجل لا يتعدى ستة أشهر بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية، لضمان انطلاق المؤسسة وتعيين أعضائها وتوفير شروط عملها. وبذلك، يأمل واضعو المقترح أن يتحول هذا المشروع إلى آلية حقيقية تضع حداً لمعاناة مهنية واجتماعية مزمنة لفئة ظلت حاضرة في قلب النقاش العمومي، وغائبة عن أي حماية مؤسساتية ملموسة.