في ظل صدمة الوسط الفني الأمازيغي بوفاة الفنان الراحل صالح الباشا، وما تبعها من جدل واسع بسبب حذف جميع أعماله من قناته الرسمية على “يوتيوب”، خرجت الفنانة فاطمة تبعمرانت بتصريح جريء يعيد طرح إشكالية حرية الفنان ومسؤولية ما يتركه من أعمال بعد رحيله.
تبعمرانت، التي لطالما عُرفت بدفاعها المستميت عن الفن الأمازيغي والهوية الثقافية، نشرت مقطع فيديو على حسابها بـ”إنستغرام” طالبت فيه جمهورها بعدم حذف أغانيها أو محوها بعد وفاتها.
وأكدت أنها تتحمل كامل المسؤولية عن محتوى أعمالها، مشددة على أن محاسبة الفنان تظل بين يدي الله وحده، وليس من حق أحد التصرف في إرثه الفني من منطلق ديني أو أخلاقي بعد رحيله.
تصريحها جاء بعد أيام قليلة من وفاة الفنان صالح الباشا، أحد أعمدة الأغنية الأمازيغية، والذي شكّلت وفاته صدمة لمحبيه داخل المغرب وخارجه، ليتفاجأ هؤلاء بخطوة مفاجئة تمثّلت في حذف جميع أغانيه من منصته الرسمية.
القرار أثار موجة من الغضب، حيث اعتبره البعض مساساً بإرث ثقافي جماعي، وليس مجرد محتوى فردي، لأن أعماله شكلت جزءاً من الذاكرة الفنية الأمازيغية.
في خضم هذا الجدل، خرج أحد “دعاة يوتيوب” المعروفين باسم أبو عمار، ليدافع عن قرار حذف أعمال الفنان الراحل، معتبراً أن من الواجب الشرعي إزالة أي محتوى قد يُحتسب على الفنان بعد وفاته، كنوع من درء السيئات الجارية، حسب قوله.
غير أن موقف تبعمرانت جاء ليقطع الطريق على مثل هذه الدعوات، مؤكدة أن الفن موقف حر، ومسؤولية شخصية لا يُملى من الخارج، ولا يجب أن يخضع للوصاية أو التقييم الأخلاقي بعد الموت. كما شددت على أن ما يقدمه الفنان ينبع من قناعة ورسالة، ولا يجب أن يُمسح لمجرد اجتهادات فقهية أو تحفظات مجتمعية.
هذا التباين في المواقف فتح نقاشاً واسعاً حول من يملك الحق في تقرير مصير الأعمال الفنية بعد وفاة أصحابها: هل هو الفنان وحده؟ أم ورثته؟ أم الجمهور؟ أم سلطة دينية أو مجتمعية؟ أسئلة كثيرة أعادت الفنانة فاطمة تبعمرانت طرحها بكل جرأة، لتفتح باباً طالما أُغلق دون نقاش صريح في العالم العربي.