لفتيت يعلن “حربا” على “مافيات المخدرات”

في ظل تنامي التهديدات الأمنية العابرة للحدود، حذّر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت من تصاعد محاولات شبكات التهريب الدولي للمخدرات لاستخدام الأراضي المغربية كمعبر رئيسي نحو الأسواق العالمية، بفعل الموقع الجغرافي الفريد للمملكة. واعتبر لفتيت أن الموقع الاستراتيجي للمغرب، الذي يربط بين ثلاث قارات هي إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، يجعله هدفًا دائمًا لهذه الشبكات الإجرامية التي تطمح إلى استغلاله كمنصة عبور استراتيجية.

جاء ذلك في جواب كتابي وجهه الوزير إلى المستشار البرلماني خالد السطي عن نقابة الاتحاد الوطني للشغل، ضمنه تقييماً لواقع التهريب الدولي للمخدرات، والجهود الأمنية الوطنية المبذولة لمواجهته. وأكد لفتيت أن محاربة المخدرات بمختلف أنواعها ليست فقط أولوية أمنية، بل هي كذلك مسؤولية وطنية شاملة نظراً لما تسببه من آثار مدمرة على مستويات متعددة تشمل الجانب الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي، والبيئي.

مخاطر عابرة للحدود تفرض يقظة دائمة

وأوضح وزير الداخلية أن الشبكات الإجرامية العابرة للحدود لم تعد تشتغل في معزل عن التطورات التكنولوجية أو التحولات الجيوسياسية، بل إنها باتت تستخدم وسائل متطورة ومسارات معقدة لتجاوز الرقابة الأمنية والجمركية. وأكد أن هذه العصابات تستهدف المغرب بشكل متزايد، في محاولة لـ”توظيف” موقعه الجغرافي الفاصل بين الجنوب والشمال، من أجل تهريب شحنات المخدرات نحو أوروبا بشكل خاص.

وشدد لفتيت على أن الأجهزة الأمنية المغربية تردّ على هذه التهديدات بسياسة أمنية حازمة، تقوم على تأهيل الموارد البشرية تقنيًا وتزويدها بمعدات حديثة للمراقبة والاتصال، إلى جانب تطوير أساليب العمل الاستخباراتي والميداني. وتندرج هذه الخطوات ضمن “استراتيجية وطنية متكاملة” تتوخى التصدي لمخاطر الجريمة المنظمة بمختلف فروعها، وعلى رأسها المخدرات.

مقاربة وطنية شاملة لتجفيف منابع التهريب

وأشار الوزير إلى أن المقاربة المغربية في مكافحة المخدرات لم تعد تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل أصبحت تعتمد فلسفة شمولية ومندمجة تهدف إلى تجفيف منابع الاتجار، عبر الحد من إنتاج المواد المخدرة محليًا، وخاصة زراعة القنب الهندي في المناطق الجبلية. ولهذا الغرض، تعمل الدولة على تقليص المساحات المزروعة بالقنب الهندي غير المشروع، وتوفير بدائل قانونية للمزارعين في إطار قانون تقنين استخدام القنب لأغراض طبية وصناعية.

وفي السياق ذاته، تواصل الحكومة جهودها لمحاصرة شبكات الترويج الداخلي، خاصة تلك التي تستهدف فئات الشباب والمراهقين، من خلال تهريب وترويج الحبوب المهلوسة والمؤثرات العقلية. كما يتم استهداف الشبكات الدولية التي تتحكم في قوانين العرض والطلب، وتُراكم أرباحًا ضخمة على حساب الأمن الاجتماعي وسلامة الأفراد. وتولي الاستراتيجية المغربية أهمية خاصة لتعزيز التعاون الدولي، سواء من خلال الاتفاقيات الثنائية أو عبر تبادل المعلومات الاستخباراتية والتنسيق الأمني الإقليمي.

حصيلة ضخمة لسنة 2024.. والأرقام تتحدث

وفي استعراضه لحصيلة سنة 2024، كشف وزير الداخلية عن أرقام ضخمة تعكس حجم التهديدات التي تواجهها المملكة، كما تعكس في الوقت ذاته فاعلية التحركات الأمنية والمراقبة المكثفة في مواجهة هذه الآفة. وقد بلغ مجموع ما تم حجزه من مخدر الشيرا نحو 344,85 طنًا، إضافة إلى 112,63 طنًا من نبتة الكيف. كما ضبطت المصالح المختصة 2508,33 كيلوغرامًا من الكوكايين، و16,88 كيلوغرامًا من الهيروين، إلى جانب 1.555.781 قرصًا من الحبوب المهلوسة.

هذه الأرقام، بحسب لفتيت، ليست مجرد مؤشرات رقمية، بل هي دلائل ملموسة على حجم الضغط المفروض على المغرب كدولة عبور، كما تكشف عن يقظة الأجهزة الأمنية وتنسيقها العالي المستوى في رصد وتفكيك الشبكات المتورطة في التهريب.

التحديات مستمرة.. واليقظة واجب وطني

وختم وزير الداخلية تصريحه بتأكيد التزام الدولة بمواصلة المعركة المفتوحة ضد كل أشكال الاتجار غير المشروع بالمخدرات، معتبراً أن هذه الظاهرة تمثل تحديًا مستمرًا للسيادة الوطنية، وللأمن العام، وللسلم الاجتماعي. واعتبر أن صيانة أمن المواطنين يمرّ عبر إغلاق المنافذ أمام هذه الشبكات، وتحقيق توازن بين التدخل الأمني والسياسات البديلة في مناطق الإنتاج التقليدية.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *