تقترب المديرية العامة للأمن الوطني من وضع اللمسات الأخيرة على واحد من أضخم مشاريعها البنيوية وأكثرها استراتيجية في السنوات الأخيرة، حيث يشارف المقر الجديد للمديرية، الكائن بحي الرياض في قلب العاصمة الرباط، على الاكتمال.
يمتد هذا الصرح الأمني الحديث، الذي انطلقت أشغاله رسميا في أبريل 2019 عقب إعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاقة المشروع، على مساحة شاسعة تقدر بـ20 هكتاراً، ما يجعله من بين أكبر المقرات الإدارية في المغرب.
وقد تم تصميم هذا المركب الإداري المتكامل ليجمع مختلف المديريات والمصالح المركزية للأمن الوطني في فضاء موحد، بما يعزز التنسيق ويسهل الفعالية المؤسساتية، ويواكب التطور والتحديث الذي عرفته المؤسسة الأمنية.
وبحسب معطيات رسمية، بلغت نسبة تقدم الأشغال مع نهاية سنة 2024 نحو 90%، حيث تم الانتهاء من الهياكل الأساسية ومعظم البنيات التقنية.
وفي تطور يعكس قرب الإنجاز، كشفت المديرية العامة للأمن الوطني مؤخراً، بمناسبة الذكرى الـ69 لتأسيسها، عن صور تعرض لأول مرة لتقدم أشغال المقر الجديد. كما تم عرض فيديو خلال الأيام المفتوحة بالجديدة يظهر أن الأشغال قاربت على النهاية بشكل كبير.
ويرتقب أن يتم تدشين المقر الجديد رسمياً خلال سنة 2025، بل وفي الأمد القريب، مع تطلعات بأن يشرف جلالة الملك محمد السادس على تدشينه تزامنا مع احتفالات المغرب بعيد العرش.
يحمل المشروع، الذي رصد لإنجازه غلاف مالي تقديري إجمالي يبلغ 2 مليار درهم، توقيعاً معمارياً مغربياً حديثاً، ويراعي في تصميمه الحضري والعمراني الخصائص الهندسية المغربية الأصيلة، فضلاً على استحضار الأبعاد الجمالية والإيكولوجية.
ويضم المقر الجديد، الذي استغرق إنجازه أزيد من 5 سنوات، مجموعة من المرافق الحيوية والمتطورة، من بينها قاعة كبرى للندوات بطاقة استيعابية تصل إلى 1200 مقعد، ومتحف للأمن الوطني يستعرض تاريخ هذه المؤسسة العتيدة.
كما يشتمل على مركز متطور للأرشفة والمستندات، وفضاء رياضي متكامل، ومركز لتسجيل المعطيات البيومترية والتعريفية وطبع البطاقات الوطنية، ومركز لإيواء قوات الاحتياط، ومركز للمعلوميات، بالإضافة إلى مرآب ضخم تحت أرضي قادر على استيعاب حوالي 1500 سيارة.
وسيستفيد المقر الجديد من ولوجية أفضل نظراً لموقعه بحي الرياض، وارتباطه بالشبكة الطرقية وشبكة الطريق السيار بفضل المدار الجنوبي للرباط، مع احترام المعايير الدولية المتعلقة بالولوجية بالنسبة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.
يأتي هذا المشروع المهيكل ضمن استراتيجية شاملة لعصرنة الجهاز الأمني الوطني، التي تبنتها المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنوات الأخيرة. ويهدف إلى تحسين ظروف عمل موظفي الأمن، وتطوير البنيات التحتية وفق معايير الجودة والنجاعة، وتقديم خدمات أفضل وأكثر سلاسة للمواطنين.
ويعكس هذا الإنجاز التزام المؤسسة الأمنية بالانخراط في مسلسل التحديث المؤسساتي والرقمي، مع الحرص على توفير بيئة عمل عصرية تليق بتحديات الأمن الوطني في مغرب القرن الحادي والعشرين، والمساهمة في تدعيم النموذج الأمني المغربي، ليكون رافعة للحداثة والنجاعة في خدمة أمن المغرب وطمأنينة المغاربة.