باحث أمريكي بارز يدعو إلى سحب الاعتراف بالبوليساريو ويدعم بروز بدائل أكثر تمثيلية وسلمية
في سياق متغيرات إقليمية ودولية متسارعة، وجّه الباحث الأمريكي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مايكل روبين، نقداً لاذعاً لجبهة "البوليساريو"، مشككاً في شرعيتها ومصداقيتها كممثل للسكان الصحراويين، ومعتبراً إياها مجرد "بقايا من زمن الحرب الباردة". ودعا روبين، وهو باحث في معهد "American Enterprise Institute" بواشنطن ومستشار سابق بوزارة الدفاع الأمريكية، المجتمع الدولي إلى مراجعة مواقفه من هذا الكيان الذي قال إنه يفتقر لأي تفويض شعبي أو انتخاب ديمقراطي حقيقي.
وسلط روبين الضوء على السياق الجيوسياسي لنشأة "البوليساريو"، مشيراً إلى أنها ظهرت كأداة لخدمة أجندات خارجية خلال فترة الحرب الباردة، بدعم مباشر من الجزائر والاتحاد السوفياتي وكوبا، واستمرت بفضل تمويل سياسي ومساعدات تعكس مصالح خارجية لا صلة لها بالإرادة الحرة لسكان الصحراء.
وانتقد الخبير الأمريكي بشدة استمرار الجزائر في استخدام الجبهة كورقة ضغط إقليمي، ووسيلة للهيمنة الجيوسياسية، متهماً إياها أيضاً بـ"الاستفادة من المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان مخيمات تندوف"، التي وصفها بـ"المناطق المغلقة البعيدة عن أي مراقبة أممية فعلية".
في هذا السياق، دعا روبين إلى "وضع حد للأسطورة الدولية التي تصوّر البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للصحراويين"، مؤكداً على بروز بدائل سلمية ومنفتحة أكثر تمثيلية، مثل حركة "صحراويون من أجل السلام"، التي انطلقت من داخل المجتمع الصحراوي وتسعى إلى تجاوز الجمود السياسي والانخراط في حوار بناء بعيداً عن العنف.
وأشار إلى أن هذه الحركة، رغم حداثة نشأتها، بدأت تفرض نفسها على الساحة الدولية من خلال عقد ملتقيات كبرى، كان آخرها "اجتماع جزر الكناري"، الذي تُوج بـ"بيان الكناري 2"، إلى جانب تلقيها دعماً من منظمات دولية كـ"الاشتراكية الدولية".
وفيما يخص التحولات الأوروبية، أبرز روبين انفتاح بعض الدول، وفي مقدمتها إسبانيا، على الفاعلين الجدد في الملف، في مقابل استمرار أقلية سياسية داخلها في التشبث بمواقف قديمة داعمة للبوليساريو، ما يعكس تناقضاً بين الدينامية الواقعية الجديدة وبعض المواقف الإيديولوجية المتجاوزة.
أما على الصعيد الأممي، فشدد الباحث الأمريكي على ضرورة "إعادة النظر في الاعتراف الذي تحظى به البوليساريو داخل الأمم المتحدة"، معتبراً أن استمرار التعامل معها كممثل شرعي يعطل مسار الحل السياسي ويعيق فرص السلام، بل ويسهم في إطالة معاناة السكان المحتجزين في تندوف.
وخلص مايكل روبين في مقاله إلى دعوة الإدارة الأمريكية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو، إلى انتهاج مقاربة أكثر جرأة وحزماً تجاه الأمم المتحدة، تتمثل في الدفع نحو سحب الاعتراف بالبوليساريو، وفتح المجال أمام فاعلين جدد أكثر تمثيلية وواقعية، مثل حركة "صحراويون من أجل السلام" أو الهيئات التقليدية الممثلة لشيوخ القبائل، مؤكداً أن هؤلاء وحدهم من يعبرون عن طموحات السكان في الأمن والاستقرار والتنمية، بعيداً عن خيار النزاع المسلح الذي لم يَجلب سوى المآسي.