“الانتخابات المبكرة على ظهر قفة رمضان”.. العمل الخيري لأهداف سياسية يشعل الجدل

أثارت قضية استخدام شاحنة تابعة لجماعة تيوغزة بإقليم سيدي إفني في نقل وتوزيع قفف رمضانية تابعة لجمعية “جود” الخيرية، المقربة من حزب التجمع الوطني للأحرار، جدلاً واسعاً في المغرب.

وقد تفاقمت الأزمة بعد تداول فيديو وصور على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر هذه الشاحنة مركونة أمام منزل قيل إنه يعود لأسرة الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس.

تحولت قفة رمضان، التي تهدف في الأساس إلى مساعدة الأسر المعوزة خلال الشهر الفضيل، إلى ما وصفه معارضون بـ”مناسبة انتخابية بامتياز” في العديد من الجماعات والدوائر الانتخابية. حيث يسارع المنتخبون، وفق هذه الانتقادات، إلى استمالة الناخبين من خلال حث أعوان السلطة على تمكين الناس في دوائرهم من الحصول على هذه المساعدات الغذائية.

وصل هذا الجدل إلى قبة البرلمان، حيث وجهت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة التامني، سؤالاً كتابياً إلى وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، حول “استغلال فقر المواطنين ومعدات الدولة لأغراض انتخابية من جمعية مقربة من رئيس الحكومة”.

واعتبرت التامني أن ما يحدث هو “اغتيال موصوف للديمقراطية” حيث “تسعى جهات تدعي نفسها خيرية مقربة من الحزب الذي يقود الحكومة، استغلال الفقر الذي عمقته الحكومة نفسها، للتأثير على الإرادة الشعبية للمواطنين، مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية والتهافت من أجل رئاسة حكومة المونديال”.

من جانبه، قال رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية (المعارضة)، إنه كان الأجدر بالحكومة أن تستثمر موقعها المؤسساتي في مواجهة الفقر والغلاء عوض اللجوء إلى ما وصفه بـ”حملة انتخابية غير مشروعة، وسابقة لأوانها”.

ودعا حموني وزير الداخلية إلى الكشف عن التدابير التي تتخذها وزارته من أجل فرض التطبيق الحازم للقواعد والضوابط القانونية المتعلقة بتوزيع المساعدات الإنسانية، بصفة عامة، وتحديداً ما يتعلق بجمعية “جود” وممارساتها، ذات الارتباطات الحزبية والانتخابية الواضحة.

وأوضح حموني أن الرأي العام والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تداولت على نطاق واسع، ما تم تسجيل بعضه وتوثيقه بالصورة والصوت، من إقدام مؤسسة “جود”، التي وصفها بـ”الذراع الخيري والإحساني للحزب الذي يقود الحكومة”، على القيام بعمليات متواترة وكبيرة لتوزيع مساعدات عينية، عن طريق شبكة واسعة، تحت يافطة العمل الجمعوي، وأحياناً كثيرة باستغلال وسائل وممتلكات عمومية في نقل وتخزين وتوزيع هذه المساعدات التي تُقدم تحت شعار التضامن والعمل الخيري.

وزاد من حدة الجدل رفض الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الإجابة عن سؤال مرتبط بهذه القضية خلال الندوة الصحفية الأخيرة يوم الخميس، مما اعتبره مراقبون دليلاً على حرج الحكومة من هذه القضية، خاصة مع تزايد الانتقادات من أحزاب المعارضة.

تظل قضية قفة رمضان هذه مؤشراً على حدة التنافس السياسي في المغرب مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، وتثير تساؤلات حول الحدود الفاصلة بين العمل الخيري والاستغلال السياسي، وكذلك حول مدى التزام الأحزاب والجمعيات المرتبطة بها بالضوابط القانونية والأخلاقية في ممارساتها.

المقالات المرتبطة

أضف رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *