شركة أمريكية تتخلى عن إسبانيا لصالح المغرب

تخطط شركة "FedEx"، شركة النقل والخدمات اللوجستية الأمريكية متعددة الجنسيات، لتسريح 96 موظفًا في إسبانيا، خاصة في مجالات خدمة العملاء والمبيعات والتكنولوجيات الجديدة (IT)، والانتقال إلى المغرب وتركيا حيث العمالة الرئيسية أرخص.
ويندرج هذا الإجراء في إطار استراتيجية أوروبية للحد من "التكاليف الهيكلية" وإعادة التوطين والتعاقد من الباطن في بلدان مثل المغرب "حيث العمالة أرخص وحيث الحقوق أقل عددا"، حسبما أوضح الاتحاد العام للعمال لصحيفة إل دياريو .
وفي يونيو الماضي، أعلنت شركة "فيديكس" في بيان صحفي عزمها خفض عدد فرق المبيعات والإدارة في شركاتها التابعة في أوروبا إلى ما بين 1700 و2000 شخص.
وبدأت شركة "FedEx" في إجراء الفصل الجماعي منذ بضعة أيام "لأسباب اقتصادية" في إسبانيا حيث توظف حوالي 1500 شخص. وحسب الصحيفة الإيبيرية، سيتم الاستغناء عن 96 موظفًا من الشركة في "مدريد وبرشلونة (زونا فرانكا) وبلباو وفيتوريا وسرقسطة وإشبيلية وفالنسيا وملقة وقادس".
وقالت فيديكس إن “جزء كبير من الموظفين، خاصة في خدمة العملاء، سيتم الاستعانة بمصادر خارجية والتعاقد معهم في المغرب”، معلنة أيضا عن “نقل الوظائف إلى مراكزها في تركيا وبولندا والبرتغال”. كما ستختفي وظائف خدمة العملاء والدعم التكنولوجي بسبب “أتمتة العمليات بالذكاء الاصطناعي”، تضيف المصادر ذاتها.
وكانت شركة FedEx قد نفذت بالفعل تسريحًا جماعيًا للعمال في عام 2021 في إسبانيا، وأنهت عقود 182 موظفًا.

اقرأ أيضا.. هل دخلت منطقة الشرق الأوسط مرحلة الغموض الاستراتيجي ؟

شكل فاتح أكتوبر الجاري والسابع منه قبل عام، نقطة مفصلية في تحول الصراع بالشرق الأوسط ، عندما نفذت حماس عملية غير مسبوقة تجاه اسرائيل في 7 اكتوبر 2023  وعندما استخدمت إيران صواريخ فرط صوتية، وهي صواريخ تستخدم لأول مرة في الحروب، يوم 1 أكتوبر 2024 قال محللون إنه جاء ردا على اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله ، والحليف الاستراتيجي لإيران في المنطقة.

جاء الرد الإيراني هذه المرة مختلفا عن سابقه في أبريل الماضي عقب هجوم استهدف قنصليتها في دمشق.

مر عام على السابع من أكتوبر عندما قررت حركة حماس تنفيذ هجوم على مستوطنات في غلاف غزة أعقبته هجمات إسرائيلية عنيفة على القطاع مخلفة أزيد من 41 الف قتيل ونحو 100 ألف جريح وأزيد من 1.9 مليون نازح مع بنية تحتية مدمرة .

بداية التصعيد 

كان الحادي والثلاثين من يوليو هو التاريخ المحدد للتصعيد الذي كان يخشاه الجميع في الشرق الأوسط، حيث اعترفت القيادة الإسرائيلية بمقتل زعيم في حزب الله اسمه فؤاد شكر (30 يوليو)، ولكنها التزمت الصمت الغامض بشأن مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران يوم 31 يوليوز 2024، على مرأى ومسمع من الحرس الثوري الإيراني.

حدث ذلك بالتزامن مع أداء الرئيس الإيراني الإصلاحي الجديد مسعود بزشكيان اليمين الدستورية ، وكان يأمل في تحسين العلاقات حتى مع الغرب.

من الواضح أن الإيرانيين كانوا غاضبين ليس فقط بسبب مقتل هنية ، بل وأيضاً بسبب مقتله على أراضيهم .

وازداد الغضب الإيراني مع مقتل حسن نصر الله في بيروت يوم 27 شتنبر 2024، وعدد من قياديي الحزب في الجنوب اللبناني، بعد 10 أيام من حادثة البيجر المريبة التي استهدفت المئات من عناصر الحزب.

لقد خلص الإيرانيون إلى أن إسرائيل هي التي تعهدت بالانتقام من حزب الله وحماس والحوثيين وإضافة الميليشيات الشيعية في العراق إلى القائمة، مما حرك مزيجًا من مجموعات المقاومة او ما يسمى "محور المقاومة" ضد إسرائيل.

الموقف الأمريكي

الأميركيون دعوا إلى خفض التصعيد مع تكرار دعمهم الأحادي لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها. منذ ذلك الحين، أصبح الحديث عن تاريخ ووقت الهجمات الانتقامية الاسرائيلية تجاه إيران مفتوحا على أكثر من احتمال.

اللافت أن الإيرانيين لجأوا إلى "الغموض الاستراتيجي " بعيد مقتل إسماعيل هنية على أرضهم، وبعيد استهداف قنصليتهم في دمشق،  ورغم هجمات 1 أكتوبر التي اثارت الكثير من الجدل، واللغط العالمي، مع توعد بتصعيد جديد في حالة الرد الإسرائيلي، غير أن توقيت الرد  زاد  من الغموض .

الرد الإسرائيلي وفق الكثير من المحللين يمكن أن يكون جزئيا، بااستخدام طائرات مقاتلة من الجيل الجديد، دون معرفة الأهداف التي يمكن أن تكون في مرمى هذه الطائرات

فئة من المتابعين التي ثم رصدها على مواقع التواصل الاجتماعي، تصف ما يجري في الشرق الأوسط بالمسرحية، وفئة أخرى من المراقبين والمحللين تتعامل مع الامر بجدية، وفئة ثالثة غير مكثرثة بمايجري، لكن هذا الغموض في الرد والرد المضاد عسكريا يثير أكثر من سؤال...

الأسئلة الخمسة 

1- ماذا لو نجح ترامب ، هل تتغير المعادلة بعد صعود الرئيس السابق الذي يجنح إلى السلم أكثر من الحرب؟

2- متى يكون الرد الاسرائيلي وهل الولايات المتحدة مستعدة لحرب جديدة في الشرق الأوسط؟

3- أين يتجه الصراع الروسي الاوكراني في أجندة الغرب والولايات المتحدة بعد هذه التطورات ؟

4- إيران دأبت على تحريك أوراقها وحلفائها بالوكالة في المنطقة، فكيف اضطرت إلى التدخل بشكل مباشر هذه المرة  عبر صواريخها البالستية المتطورة؟

5- هل الرد الإيراني في فاتح أكتوبر انتقام لهنية أم لنصر الله ام لهجوم السفارة الإيرانية في دمشق أم هو مجرد رسالة لأمريكا والغرب ليس إلا؟

كانت إحدى الطرق للخروج من هذه الأزمة قبل أسابيع، هي التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس على الرغم من حقيقة أن يحيى السنوار الذي تعتبره تل ابيب الأكثر تشددًا أصبح الزعيم الجديد لحماس وكان نتنياهو غير راغب في ترك مهمته في "تدمير حماس" في منتصف الطريق ومغادرة غزة.

ومع ذلك، سارع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن إلى زيارة للمنطقة، قادته إلى تل ابيب والقاهرة والدوحة، مما يمثل إشارة واضحة للنهج الأمريكي في دبلوماسية الحضور الفعال.

لكن يبدو أن واشنطن التي كانت دائما قادرة على لجم تل أبيب ودول أخرى في المنطقة لم تستطع احتواء الازمة الحالية التي تصاعدت بشكل غير متوقع منذ 31 يوليوز الماضي.

الحرب والانتخابات الأمريكية

الازمة المتصاعدة وفق وسائل إعلام أمريكية يمكن أن تكون مكلفة للحزب الديمقراطي ومرشحته كامالا هاريس، ويبدو حتى الان المستفيد من هذا التصعيد هو دونالد ترامب.

أقرت هاريس في مؤتمر ترشيحها في شيكاغو "بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وتحدثت عن المعاناة الفلسطينية.

وقالت "ما حدث في غزة على مدى الأشهر العشرة الماضية مدمر. فقدنا العديد من الأرواح البريئة. ويفر الناس اليائسون والجوعى بحثًا عن الأمان مرارًا وتكرارًا. إن حجم المعاناة مفجع". وأضافت أن "الرئيس بايدن وأنا نعمل على إنهاء هذه الحرب - بحيث تكون إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويمكن للشعب الفلسطيني أن يدرك حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير".

لكن المهمة لا تبدو سهلة في ظل الترقب الحذر لشكل الرد الإسرائيلي وكيف سيكون الرد الإيراني عليه، وإذا ما كانت المنطقة برمتها ستدخل في دوامة من الردود والردود المضادة في واحدة من أكثر المراحل الاستراتيجية غموضا.

هل يلعب نتنياهو الورقة الأخيرة ؟

بينما يظل أكثر من مائة رهينة إسرائيلي في عهدة حماس وجماعات أخرى في غزة، تستمر المظاهرات العامة ضد تعامل نتنياهو مع الأزمة .

نتنياهو يحاول أن يلعب ورقته الأخيرة ربما في الرد المتوقع ضد إيران لاحتواء الغضب الشعبي الداخلي المرتبط أساسا بالأسرى لدى حماس.

ففي آخر استطلاع أجراه مركز فيتربي للرأي العام وأبحاث السياسات، في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، شمل عينة عشوائية من 1000 إسرائيلي بهامش خطأ 3.10 بالمئة.

ووفق النتائج، التي نشرتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية اليوم الاثنين 7 أكتوبر2024، أعرب 53 بالمئة عن اعتقادهم بأنه حان الوقت لإنهاء “الحرب”.

وقال حوالي ثلثي الإسرائيليين إن شعورهم بالأمن الشخصي تدهور منذ 7 أكتوبر 2023.

واعتبر 62 بالمئة أن عودة الأسرى الإسرائيليين من غزة هي الهدف الرئيسي لإسرائيل، فيما قال 29 بالمئة إن إسقاط حماس هو الهدف الرئيسي.

بين الغموض الاستراتيجي والتصعيد العسكري ، تبقى التطورات المحتملة في الشرق الأوسط رهينة بشكل الرد الإسرائيلي، والموقف الأمريكي في الأيام أو الأسابيع المقبلة .