قرب المصادقة على مشروعي المسطرة الجنائية والقانون الجنائي.. يمهد لمواحهات بين الإسلاميين والحداثيين مجددا
أعلن رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن اقتراب تقديم مشروعي قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي للمصادقة، في إطار سعي الحكومة لمواصلة الإصلاحات الهيكلية وتحقيق التنمية القانونية والاجتماعية في المغرب.
تحضيرات قانونية وتشريعية
وفي تصريحاته، أكد أخنوش أن الحكومة تعمل على وضع اللمسات الأخيرة على مشروعي القانون، موضحًا أن هذه الخطوات تأتي في إطار رؤية الحكومة لتعزيز الاستقلال المؤسساتي للسلطة القضائية، وتطوير المنظومة العدلية بما يتماشى مع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية لقانون المالية للسنة المالية 2025.
وتضمن منشور رئيس الحكومة المتعلق بإعداد مشروع قانون المالية للعام 2025، تفصيلات حول الإجراءات المتخذة لتعزيز استقلالية القضاء.
حيث عملت الحكومة على نقل المناصب المالية للقضاة والملحقين القضائيين وتدبير وضعيتهم الإدارية والمالية إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بالإضافة إلى تحويل رئاسة مجلس إدارة المعهد العالي للقضاء من وزير العدل إلى الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية. هذه الخطوات تشير إلى توجه واضح نحو تعزيز استقلالية الجهاز القضائي في البلاد.
إصلاحات قادمة في المنظومة العدلية
وتعتزم الحكومة استكمال هذه الجهود عبر تقديم مشاريع قوانين مرجعية أخرى، مثل قانون المسطرة المدنية وقانون العقوبات البديلة.
وتعتبر هذه الإصلاحات جزءًا من خطة شاملة تهدف إلى تحديث المنظومة القانونية وضمان العدالة الفعالة.
كما تولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا بالتحول الرقمي للإدارة القضائية، والذي يُعتبر عنصرًا أساسيًا في تقريب العدالة من المواطنين وتحسين البنية التحتية للمحاكم.
تهدف هذه الجهود إلى رفع كفاءة الموارد البشرية وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.
وفيما يخص الإصلاحات الاقتصادية، أكد أخنوش التزام الحكومة بتفعيل دور الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، وإعادة تشكيل المحفظة العمومية، وتحسين أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، بهدف تعزيز الاقتصاد الوطني وتقديم خدمات عمومية عالية الجودة.
تعزيز الجهوية وتطوير البنية التحتية.. وتفعيل الأمازيغية
من جهة أخرى، تعمل الحكومة على تعزيز التكامل بين الدولة والمجالات الترابية، من خلال دعم الجهوية المتقدمة وزيادة حصة الجماعات الترابية من الضريبة على القيمة المضافة، بهدف تمكين هذه الجماعات من المشاركة في الجهود التنموية الوطنية، خاصة في ظل التحضيرات لاستضافة المغرب لكأس العالم 2030.
وفي إطار تعزيز الهوية الوطنية، تعهدت الحكومة بمواصلة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وتعميم استخدامها في مختلف المجالات، تأكيدًا على التزامها بالحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي في المملكة.
تأتي هذه الإصلاحات ضمن رؤية الحكومة الرامية إلى تحقيق تطور شامل ومستدام في جميع مجالات الحياة العامة في المغرب، بهدف تعزيز مكانة البلاد إقليمياً ودولياً.
الإسلاميون والحداثيون .. صراعات متوقعة
ومن المنتظر أن يبرز الخلاف مجددا بين التيارين الإسلامي والحداثي بشكل واضح عقب التصريحات الحكومية حول عزمها تقديم مشاريع قوانين جديدة تتضمن تعديلات في القانون الجنائي.
وستشمل قضايا مثيرة للجدل مثل الإجهاض، والعلاقات الرضائية، والحريات الفردية، ولا شك أن هذه المبادرات وُضعت تحت المجهر.
ومن المتوقع أن يقود التيار الإسلامي في المغرب، الجبهة المناهضة لتلك الإصلاحات لاسيما المتعلقة بالإجهاض والحريات الفردية والعلاقات الرضائية.
ويرى الإسلاميون أن هذه الخطوات تهدد البنية القيمية للمجتمع، وتتعارض مع الشريعة الإسلامية التي تشكل المرجعية الدستورية للمغرب، يعتبر الإسلاميون أن أي تعديل في القانون الجنائي يجب أن يتم بمراعاة القيم الدينية والأخلاقية، محذرين من مغبة التغريب والتفكك الأسري.
في المقابل، ينادي التيار الحداثي، الذي يضم أحزاباً يسارية وليبرالية وجمعيات حقوقية، بضرورة تحديث القوانين الجنائية بما يتماشى مع تطورات العصر ويضمن احترام الحريات الفردية.
يرى الحداثيون أن التشريعات الحالية تقيد الحريات الشخصية وتعرقل مسار التطور الاجتماعي والثقافي في المغرب.
من جانبه، دعت عدة جمعيات حقوقية إلى ضرورة "تحرير الفرد من القيود التي تكبل حريته الشخصية وتمنعه من ممارسة حقوقه الطبيعية". وأشارت الجمعيات في بياناتها إلى أن "المجتمع المغربي يتطلع إلى قوانين عصرية تكرّس الحريات وتضمن المساواة والعدالة".