الاحزاب السياسية تفشل في استرجاع الثقة بالاحتفاظ بنفس الوجوه

دون بوادر حقيقية تفيد بخلق الاستثناء في انتخابات هذه السنة، مضت الأحزاب السياسية نحو يوم الاقتراع طامعة فقط في حصد اكبر عدد من الاصوات.

ولم تبد الأحزاب على امتداد الفترة التي تسبق الانتخابات، أي مجهودات ملموسة لاستقطاب أسماء جديدة، فيما تبرز الخريطة الحالية احتفاظ الأعيان بألوانهم السياسية المعلومة.

ويرى مراقبون أن توجه بعض الأحزاب لتزكية وجوه مرفوضة مجددا في الانتخابات القادمة، يترجم مدى تقوقع التوجه السياسي لتلك الأحزاب واختياراتها الخطيرة على المشهد السياسي والعملية الانتخابية.

ويؤكد متتبعو الشان العام،  ان الأحزاب ، التي تصر على تخيير المواطنين بين نفس الوجوه، ثم تتساءل عن سبب عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات، هي أحزاب لم تدرك بعد حقيقة و طبيعة الدور المنوط بها في تأطير المواطنين وتحفيز مشاركتهم في الشأن العام .

كما أن سلوكها هذا، يؤكد بالملموس أنها تنظر للمواطنين نظرة “دونيةّ” أبعد ما تكون عن الندية والمشاركة، وفي أفضل الحالات، هم في نظرها “خزانات أصوات انتخابية” يجتهد نفس المرشحين مرة كل خمس سنوات، في استمالة أصواتهم بوسائل مشروعة وغير مشروعة، دون الحاجة لتجديد الخطاب أو وسيلة التواصل، أو محاولة الوصول إلى شرائح جديدة.

إن الثقافة السياسية التي تجعل حزبا يرشح نفس الشخص على مدى نصف قرن! مع كامل الاحترام لجميع المرشحين، يضع علامة استفهام كبيرة على مجمل الثقافة الحزبية ومفهوم العمل السياسي عند هذا الحزب وغيره.

ان العقلية والثقافة التي تؤيد مثل هؤلاء المرشحين، لن تحتاج للاهتمام بأمور “تافهة” من قبيل “البرامج الانتخابية والخطط العملية، و يبدو أن الأحزاب لم تستوعب بعد أنّ الأزمة مع الناخبين ليست أزمة برامج فقط بقدر ما هي أزمة التزام بتلك البرامج.

كما لم تستوعب انعدام ثقة المواطنين في أغلب الأحزاب و بكل مرشحيها خصوصا من تقلدوا مناصب من قبل.

وحسمت العديد من المجالس المنتخبة محليا، خاصة الجماعات القروية والحضرية، حيث أعادت نتائج إنتخابات يوم 8 شتنبر 2021، بعض السياسيين المعروفين لعقود، والذين صدرت بحقهم تقارير رقابية وإعلامية بسوء تدبيرهم للمرفق العمومي، إما عن قصد أو عن جهل وضعف في التدبير والتكوين.

و استغرب العديد من عودة “الفاسدين والمشكوك في ذمتهم المالية والتدبيرية”، رغم حصولهم على ثقة المنتخبين، لكن عودتهم في هذه الظرفية الحساسة والتي تتطلب تعبئة الأطر والكفاءات مثل تعبئة الموارد المالية، أعاد جدوى نقاش كفاءة المرشحين.