"تطاحنات" داخلية للأحزاب.. حركية المشهد السياسي أو "أزمة" تسبق الانتخابات ؟

مع اقتراب الانتخابات "المصيرية"، بعد أقل من سنة، ولاسيما في عز هذه الأزمة الوبائية التي تمر منها البلاد، الصراعات كذلك متواصلة داخل الأحزاب السياسية، سواء المشكلة للأغلبية أو المعارضة .

 

"لامحيد" بدون "زعامة"

حركة تصحيحية، بالقوة السياسية المعارضة الأولى بالمغرب، الأصالة والمعاصرة، تخلق الجدل داخل الأخير .

الحركة التي أطلقت على نفسها "لامحيد"، اعتبرتها قيادات "البام" أنها مجهولة ولا يعلم أحد من هو زعيمها ولا القائم عليها .

لعربي لمحرشي، القيادي البارز بحزب الأصالة والمعاصرة، يقول "الحركة التصحيحية تبقى مجهولة المصدر، ولا يعلم أحد من يتزعمها" .

وحول تبني رئيس فريق الحزب بمجلس النواب سابقا لـ"لامحيد"، محمد أبودراري، يقول المحرشي لـ"بلبريس" في برنامج "بروجيكتور"، "مع احترامي لأبودرار ولكن الحركة التصحيحية لها قواعد، ولا وجود لحركة تصحيحية اليوم داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وخرجة أبودرار لم يقل ما هي هذه الحركة ومؤطرها والمعلومات الكافية عنها" .

 

"مؤتمر بنكيران"

 

من جانبه فريق العدالة والتنمية، لم يسلم هو الاخر من الصراعات الداخلية، من خلال الدعوة لمؤتمر استثنائي لتقييم عمل حكومة سعد الدين العثماني .

الداعون لهذه الخطوة، هم أعضاء لشبيبة الحزب والمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، ويطمحون لعودة عبد الإله بنكيران، لقيادة حزب "البيجيدي" من جديد .

مصادر مقربة من عبد الإله بنكيران، تنفي علاقة الأخير بالدعوة للمؤتمر الاستثنائي في حين أن الداعون للأخير مصممين على عقده .

حول المؤتمر الاستثنائي، يتوقع المراقبون للمشهد السياسي بالمغرب، عودة صراعات المؤتمر السابق، وهنا الحديث عن تيار الاستوزار وشيعة بنكيران .

في المقابل، يرى البعض الاخر، أن القوة السياسية الأولى بالمغرب تريد طي الصراع مع اقتراب الانتخابات المقبلة، التي يعول عليها الحزب بشكل كبير للظفر بولاية ثالثة .

 

حركة بوعيدة تقابل بـ"التأذيب"

 

عدوة الصراعات انتقلت للتجمع الوطني للأحرار، من خلال حركة تصحيحية، تدعو إلى إزالة عزيز أخنوش من القيادة .

ميلاد حركة تصحيحية داخل حزب التجمع الوطني للأحرار أثارت الجدل بالمشهد السياسي، وجاء في بلاغ للحركة أنها "تعتبر نفسها صوت كل الأحرار الذين سدت في وجههم أبواب الحوار داخل حزبهم".

وأوضح البلاغ أن "الحركة التصحيحية تسعى إلى إعادة الحزب لمساره الطبيعي وإخراجه من منطق التسيير المقاولاتي لمنطق التسيير الديمقراطي كباقي الأحزاب".

وناشد قادة الحركة "كل حكماء الحزب ومناضليه للالتفاف حول الحركة التصحيحية لوقف نزيف استقالات لم يشهدها الحزب منذ تأسيسه إلى الآن". ودعوا "كافة أعضاء المجلس الوطني للأحرار المطالبة بعقد مؤتمر استثنائي لاختيار قيادة جديدة بمنطق الديمقراطية لا بسياسة الأمر الواقع الذي أنتج قيادة قسمت الحزب إلى اتباع وموالين".

ودعت الحركة قيادة الحزب للتفاعل معها "والابتعاد عن سياسة الأذن الصماء تفاديا لانفجار الحزب".

ويوجد بين أعضاء الحركة عبد الرحيم بوعيدة الرئيس السابق لجهة كلميم واد نون، الذي همشه حزب التجمع الوطني للأحرار بسبب قربه من حزب العدالة والتنمية، ما أدى إلى تعيين مباركة بوعيدة مكانه رئيسة للجهة، كما تضم البرلمانية السابقة نعيمة فرح (2012-2016)، والنائبة وفاء بكالي (2017-2021).

رد المكتب السياسي لم يتأخر، الذي دعا إلى تحويل الناطق الرسمي بإسم الحركة عبد الرحيم بوعيد للمجلس التأديبي .

 

"الميركاتو" الانتخابي

من جانبه يرى المحلل السياسي، كريم عايش حول التطاحنات السياسية، التي يعرفها المشهد السياسي بالمغرب، أنه "مع اقترات الاستحقاق الانتخابي 2021، تعرف الساحة السياسية المغربية احماءات وتربصات تصب كلها في اتجاه الظفر بالمكاتب والفروع واقتناص الرؤوس والمحافظ السمينة والتي ستتمكن من ان تستحق التزكية وتضمن الفوز بالمقعد الموعود، لدى تكون المقاربة على الساحة مبنية على اساس رأس الحربة القادر على ضخ اموال الهبات والولائم والهدايا، واحيانا الذبائح والقرابين للاضرحة، حفلات الزفاف والمآتم وايضا تشغيل جيش جرار من الشباب والكبار في الحملة الانتخابية مقابل أجر يومي تكفي ايام الحملة الانتخابية لقضاء بعض الاغراض لشهور عديدة".

"في هذا الخضم صارت الساحة تغلي يالحركات التصحيحية، تارة بالاحرار ضدا على منشق بعينه، وتارة بحزب العدالة والتنمية ضد كل الهياكل حتى لا يتم اعادة انتخابها او استوزارها، وتارة اخرى لتغيير الامين العام ومكتبه السياسي في احزاب اخرى"، يقول كريم عايش الباحث في العلوم السياسية، بجامعة محمد الخامس بالرباط .

 

ويضيف عايش في تصريح لـ"بلبريس"، "ان كنا قد بدأنا بسماع انباء استقالات من هذا الحزب والانضمام لحزب اخر في ميركاتو سياسي جديد ينذر بمفاجئات ولكن دون بروز لاعبين كبار ، اذ عكس ميدان كرة القدم حيث تتم الصفقات قبل موسم الكؤوس الكبيرة وبعدا يغلق السوق، فالميركاتو السياسي المغربي مفتوح على كل الاحتمالات ويعرف بروز الوجوه المؤثرة والجماهيرية في اخر الموسم مع بداية الاستعدادات لتوزيع التزكيات".

"غير ان هذه السنة صارت الساحة تغلي بمعطى جديد غير واقعة معركة اولاد الطيب اثناء تحيين التقسيم الانتخابي الفائت، اذ شكل القاسم الانتخابي نقطة الخلاف بين الاحزاب وداخل هياكلها ايضا، فهذه الاحزاب لم تختلف حول تقليص او تضخيم التمثيلية النسائية والشباب، كما انها اقترحت سابقا ربط بعض الحريات الدستورية بضرورة التصويت على غرار مقترح جزب الاتحاد الاشتراكي والقاضي بحرمان من لم يصوت من حقه الحر في الترشح للمباريات والوظائف، بل كان من تزعم مقترح تغيير القاسم الانتخابي الى توسيع قاعدته الحسابية ليشمل كل المسجلين، مقلصا بذلك العتبة ومبهجا احزاب التقدم والاشتراكية، الحركة الشعبية والاحرار، وسط معارضة العدالة والتنمية وحيرة البام الذي يتقبل مبدئيا المقترح ويتحفظ على الاعلان عن موقف حازم الى ان يدرس بعمق المسألة. هنا تحول الصراع الى تذويب الاغلبية الى تشكيلة من الاحزاب ومنها الصغيرة، بجعل البرلمان المغربي عبارة عن قوس قزح بدون اغلبية ويفتح ابواب التوازنات السياسية على مصراعيها، مما دفع بحزب العدالة والتنمية الى معارضة المقترح من اساسه ومهاجمته، وهو نفس الامر بالنسبة للهياكل السياسية لحزب البام ضدا على عبد اللطيف وهبي، مقابل مساندة مطلقة من طرف حزب الاستقلال الذي يرى في نفسه بديلا عن العدالة والتنمية"يقول عايش .

وخلص عايش في تصريحه "ومهما يكم داخل هذه الحلبة السياسية من صراع ولكمات، الا ان المثير للاهتمام، هو تسارع النقاش وتطوره دون ان يدرك المغربي المغلوب على امره ما يجري، اذ ستتحول هذه النقاشات الى قوانين تطبق عليه دون ادنى تفسير، وان كان بعد المتخصصين في العلوم السياسية والدستورية قد استفاضوا شرحا، فهذا جهد محمود لا تعفي الاحزاب من اداء دورها الدستوري الغائب تماما عن عقول الامناء العامين للاحزاب الغارقين ومن يحيطون بهم في مختلف اشكال الريع والامتيازات والمنافع، وهو بنقاشهم هذا لا يبحثون عن تطوير الساحة السياسية المغربية او تجويد الديمقراطية المغربية وتحسينها وانما كل يسعى للبقاء في الساحة واقتناص حقيبة له او لابنه او بنته استمرارا لعقلية التوريث والمحسوبية والولاءات التي انتقدها صاحب الجلالة ما مرة في خطب العرش دون ان تجد آذانا صاغية او قلوبا تعي، فلا يخجل جل الامناء العامين للاحزاب لاعتلاء المنابر امام المغاربة وصاحب الجلالة للضحك على ذقون الجميع".

 

الانتخابات على الأبواب

 

أمام هذه الصراعات، يرى المراقبون للمشهد السياسي، أنها صحية لإنقاد الأحزاب السياسية، بشكل خاص والمشهد السياسي عموما من "الجمود" الذي يعيش فيه .

في المقابل، قد تؤثر سلبا عن الأحزاب مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية، التي تطمح من خلالها الأحزاب السياسية، لتبؤ الريادة والظفر بالصدارة .