ردود أفعال متباينة حول زيارة ماكرون للبنان.."مقيم عام"أم "فارس أحلام"

أثارت زيارة الرئيس الفرنسي إمانيول ماكرون للبنان بعد حادث انفجار مرفأ بيروت ردود أفعال متباينة فهناك من اعتبرها تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد وهناك من رحب بها واصفين اياه بـفارس الأحلام" جاء الى المرفأ المنكوب بالعصا السحرية.

فقد سارع الرئيس الفرنسي منذ الساعات الأولى لنكبة بيروت وانفجار مرفئها إلى التعهد بدعم فرنسي كبير، ولم يتأخر في الحضور، حيث كان أول قائد أجنبي تطأ أقدامه أرض لبنان بعد انفجار المرفأ.

زيارة ماكرون للبنان في هذا الظرف العصيب إنسانيا وسياسيا واقتصاديا تحمل رسائل عديدة، تتجاوز حدود التضامن والتعاطف الإنساني إلى ما هو أبعد سياسيا وثقافيا.

نشكو إليك حكومتنا
بدا استقبال مجموعة من اللبنانيين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منطقة المرفأ لافتا، تجمعوا حوله ينتقدون نظامهم السياسي ويشكون حكوماتهم وساستهم "الفاسدين المجرمين".

كان ماكرون يستمع للبنانيين الغاضبين من ساستهم بآذان مصغية، بدا وكأنه معني أكثر من غيره بحل مشاكل لبنان. يريد ماكرون تعزيز الانطباع لدى اللبنانيين وغيرهم بأن فرنسا ما زالت هي الأب والمرجع وحتى "الوصي".

الإحباط والضياع الذين يظهر في سحنات وجوه شباب ورجال ونساء لبنان كان الدافع الأبرز للتعلق بأي شيء والبحث عن أي منقذ بغض النظر عن موضوعية الطلب وإمكانيات المنقذ ماكرون أو غيره.

لن نسلمها للفاسدين
وبمنطق بدا غير معتاد على الأقل في لغة الدبلوماسية؛ أكد ماكرون أن المساعدات الفرنسية لن تسلم للفاسدين، وكأنما يعبر بذلك عن نزع الثقة عن الحكومة الحالية.

ومرة أخرى وتحت هتافات المحتشدين تهليلا بمقدمه، أخذ الحماس ماكرون إلى حافة الدبلوماسية، حيث قال إنه جاء ليتضامن مع الشعب وليوفر المساعدات والأدوية ولبحث موضوع الفساد.

في هذا اليساق انتقد  عادل بنحمزة القيادي في حزب الاستقلال قائلا:"الرئيس الفرنسي ماكرون تصرف أثناء زيارته لبيروت كمقيم عام.. أهان مؤسسات الدولة في لبنان بشكل واضح وتعامل معها كدولة فاشلة غارقة في الفساد، لكنه قال الحقيقة فقط"

وحول تدوينة التضامن لماكرون التي كتبها باللغة العربية قال فؤاد بوعلي، رئيس الائتلاف الوطنيّ من أجل اللغة العربية، إنّ ما لم يستوعبه كثير من أبناء المنطقة هو أن اللغة العربية هي "لغة الخطاب الرسمي، والأقرب إلى التفاعل الوجداني مع العقل العربي من المحيط إلى الخليج"، والحديث بلغة الضاد "يمنح الخطاب حميمية خاصة يمكنها الولوج إلى العقول والوجدان، وهو ما يستوعبه الساسة الغربيون ويغفل عنه المهووسون بضيق القطرية والخصوصية الإقليمية".

ويزيد رئيس الائتلاف: "حديث ماكرون لم يكن بمنطق الخروج من الدائرة الفرانكفونية أو الاعتراف بالتعددية، بل بمنطق نفعي براغماتي أملته الدوائر التي أوصلته إلى سدة الإليزيه، والتي لا تنظر إلى الفرانكفونية إلا باعتبارها أداة للتوغل الاقتصادي قبل الثقافي.. وفي سبيل الغاية المادية كل السبل تغدو مشروعة".

ويحيل بوعلي على ما تدلّ عليه الردود التي صدرت عن جل المعلقين الفرنسيين، مِن "اعتقاد راسخ في العقل الفرانكفوني بالترابط اللزومي بين اللغة والسيادة، وأن قائد الدولة أو أي مسؤول فيها ينبغي أن يتمثل هذا المعطى الهوياتي سياسيا وقانونيا"، ثم يضيف: "كثير من الدبلوماسيين الأجانب يتحدثون بلغات الدول التي يوجدون فيها، تعبيرا عن تقديرهم لأماكن تواجدهم، مثل روسيا أو الصين أو بريطانيا، إلا سفراء فرنسا الذين لا يستعملون اللغة الوطنية إلا حين الرغبة في الإشارة إلى حنينهم لماضيهم الاستعماري، القائم على التشظي والتشرذم".

وأعرب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، عن رفضه للانتقادات التي وجهت، واتهامه بتدخل بلاده في الشؤون الداخلية للبنان، عقب الانفجار الذي شهده مرفأ العاصمة، بيروت الثلاثاء.

جاء ذلك في تصريحات أدلى بها ماكرون، الخميس، لمحطة التلفزة الفرنسية المحلية "BFMTV"، والتي أشار فيها إلى حرص بلاده على مصالح الشعب اللبناني، على حد تعبيره.

وقال ماكرون في تصريحاته "الموضوع الرئيس لاهتمامنا بلبنان هو الأخوة والمساعدة، فلو لم تلعب فرنسا التي تؤمن بالتعددية في لبنان، وبمصالح شعبها، سيظهر الإيرانيون والسعوديون، والأتراك وقوى أخرى بالمنطقة ممن يتدخلون بشؤون لبنان الداخلية".

وتابع قائلا "وبعض من هذه الدول، تعمل ضد الشعب اللبناني من أجل مصالحها الاقتصادية والجيوساسية".

ولفت إلى أن "هناك حالة غضب عارمة لدى الشعب اللبناني"، مضيفًا "أنا أحترم لبنان تلك الدولة الحرة التي لها سيادة".

وأوضح أن الأسابيع الثلاث المقبلة ستحدد مستقبل لبنان، لافتًا إلى أن الوقوف بجانب الشعب اللبناني مسؤولية فرنسا، وأنه لم يصدر أية تعليمات للمسؤولين اللبنانيين خلال زيارته الخميس للعاصمة بيروت.

وتفقد ماكرون والرئيس اللبناني ميشيل عون، خلال زيارة الخميس، منطقة مرفأ بيروت التي ضربها الانفجار، والتقى على هامش الزيارة إلى جانب عون، رئيس الوزراء حسن دياب، ورئيس البرلمان نبيه بري.